لا أعلم ما بال هؤلاء الأقوام يتركون قول ابن عباس الوجه والكفان المروي عنه من ثلاثة طرق واحدة منها صحيحة كالشمس (انظر تخريج طرق ابن عباس وباقي الصحابة هنا مفصلاً)
ويتمسكون بهذا السند الآتي عن علي بن أبي طلحة الذي أدنى ما يقال عنه فيه كلام! وسأفصل القول فيه لأنهم يحاولون تأويل قول ابن عباس الوجه والكفان بناء على هذا السند الضعيف وهو ما أخرجه الطبري في التفسير ت شاكر (ج19/ص157) والبيهقي في السنن الكبرى (ج7/ص151) كلاهما من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31] قال: والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكفّ، والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها.
في الأول سأبدأ بالسند وفيه الواسطة ومن ثم أي ثانيًا سأبدأ في المتن ثم أسرد لكم منكرات من هذا السند في تفسير بعض الآيات لكي لا تغتروا بكلام الغير ثم سأنقل لكم كلام مصطفى العدوي وأبو إسحاق الحويني في تضعيف هذا السند بالرغم أن مذهبهما تغطية الوجه!
أولا: السند
- عبد الله هو ابن صالح الجهني كاتب الليث ضعيف قال ابن حجر في تقريب التهذيب صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة. قلت (صدوق كثير الغلط) يعني ضعيف ولكن هذا الإسناد هو صحيفة أي كتاب فقال ابن حجر ثبت في كتابه وهذا يعني يحتج به ويصحح ما يقوله من كتابه فاحتج البعض بقول ابن حجر قلت قول ابن حجر ثبت كتاب أخذها من الإمام يحيى بن معين حيث قال ابن حجر في تهذيب التهذيب (ج5/ص260) وقال أبو هارون الخريبي ما رأيت أثبت من أبي صالح قال وسمعت يحيى بن معين يقول هما ثبتان ثبت حفظ وثبت كتاب وأبو صالح كاتب الليث ثبت كتاب. انتهى بتصرف
فالسؤال من هو "أبو هارون الخريبي" وأين سند هذا الكلام إلى يحيى بن معين؟
الجواب في كتاب فوائد عبد الوهاب ابن منده مطبوعاً ج2/ص103) وضمن هذا الكتاب نسخة إبراهيم بن سعد أبو إسحاق الأزهري وفي آخره بعد الحديث (برقم 1499) مباشرة تجد السند وهو كالآتي أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق إجازة حدثنا أبو القاسم الحسن بن آدم العسقلاني حدثنا أبو هارون الحضرمي (كذاب) سمعت إبراهيم بن سعد سمعت يحيى بن معين يقول ثبتان ثبت حفظ وثبت كتاب قلت يا أبا زكريا فأيهما أحب إليك؟ قال ثبت كتاب، قال يحيى: وأبو صالح كاتب الليث ثبت كتاب، قال أبو هارون ما رأيت أثبت من أبي صالح. انتهى
قلت أبو هارون الحضرمي تصحيف أو خطأ من الناسخ فعدت إلى مخطوطة الظاهرية لنسخة ثانية لإبراهيم بن سعد وهي موجودة على موقع ألوكة فإذا به هو أبو هارون الجبريني وهذا اسمه إسماعيل بن محمد بن يوسف الثقفي الفلسطيني كذاب ورواه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي ج2/ص38) حدثني أبو القاسم الأزهري، نا محمد بن المظفر، نا الحسن بن آدم، قال: حدثني إسماعيل بن محمد الجبريني (هذا هو راوينا الكذاب أبو هارون)، قال: سمعت يحيى بن معين، يقول: هما ثبت حفظ وثبت كتاب قال: فقلت له يا أبا زكريا أيهما أحب إليك ثبت حفظ أو ثبت كتاب قال: ثبت كتاب. قلت إبراهيم بن سعد سقط من السند
- شيء آخر أبو صالح عبد الله بن صالح أُدْخِلَتْ في كتبه أحاديث موضوعة مكذوبة من قبل الكذابين ولذلك وصفه ابن حجر قائلاً فيه غفلة والأدلة:
1- قال أبو حاتم الرازي الأحاديث التي أخرجها أبو صالح [يعني عبد الله بن صالح] في آخر عمره التي أنكروا عليه نرى أن هذه مما افتعل خالد بن نجيح، وكان أبو صالح يصحبه، وكان سليم الناحية، وكان خالد ابن نجيح يفتعل الحديث ويضعه في كتب الناس، ولم يكن وزن أبي صالح وزن الكذب، كان رجلاً صالحاً (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/ص87)
2- قال ابن حبان سمعت ابن خزيمة يقول كان له جار بينه وبينه عداوة فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح ويطرح في داره في وسط كتبه فيجده عبد الله فيحدث به فيتوهم أنه خطه وسماعه فمن ناحيته وقع المناكير في أخباره (المجروحين لابن حبان ت حمدي ج10/ص534)
3- قال أبو زرعة الرازي وكان خالد يضع في كتب الشيوخ ما لم يسمعوا ويدلس لهم فبلوا به وبلى به أبو صالح [يعني عبد الله بن صالح] (الضعفاء لأبي زرعة الرازي ج3/ص391)
- علي بن أبي طلحة قلت لم يسمع من ابن عباس بالإجماع وقال بعضهم لا يتابع على تفسيره وغير معتمد والأدلة
1- قال أحمد بن حنبل على بن أبي طلحة الذي يروي تفسير، عَن ابن عباس لم ير ابن عباس (الأسامي والكنى للحاكم الكبير ذكره مرتين مرة الجزء الثاني الترجمة برقم 1561 ص290 ومرة الجزء الرابع الترجمة برقم 3553 ص367 بتحقيق أبي عمر محمد بن علي الأزهري)
2- قال أبو أحمد الحاكم الكبير لم يسمع من ابن عباس شيئًا، ولا يتابع في تفسيره عن ابن عباس (الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم بتحقيق أبي عمر محمد بن علي الأزهري ج2/ص289-290)
3- قال أبو بكر ابن مَنْجُويَه تفسيره غير معتمد يقال إنه لم ير ابن عباس (رجال صحيح مسلم لابن منجويه ج2/ص56)
4- قال يحيى بن معين علي بن أبي طلحة روى عنه بديل في التفسير ولم يسمع من ابن عباس شيئاً فروى مرسلاً (كتاب من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال رواية طهمان ص85)
5- قال أبو حاتم الرازي: علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مرسل إنما يروي عن مجاهد والقاسم بن محمد وراشد بن سعد ومحمد بن زيد (المراسيل لابن أبي حاتم ص140)
يعني يقصد أبو حاتم الرازي أنه لا يروي عن الصحابة إنما يروي عن التابعين أمثال مجاهد والقاسم وراشد وغيره وبالتالي فروايته عن ابن عباس مرسلة
6- قال دحيم الدمشقي علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس التفسير هو مرسل (المراسيل لابن أبي حاتم ص140)
7- قال ابن حبان وهو الذي يروى عن بن عباس الناسخ والمنسوخ ولم يره (الثقات لابن حبان ج7/ص211)
8- قال الخطيب البغدادي وأرسل رواية التفسير عن عبد الله بن عباس (موضح أوهام الجمع والتفريق ج1/ص353)
9- قال أبو يعلى الخليلي وأجمع الحفاظ على أن ابن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس (الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي ج1/ص393)
- بعض من قال الواسطة بين علي وابن عباس لا أحد
سئل الحافظ الثبت العارف في الحديث أبو علي صالح بن محمد بن عمرو الأسدي المعروف بجزرة المتوفى (293 هجري) عن علي بن أبي طلحة ممن سمع التفسير؟ قال: من لا أحد!.
أخرجه الخطيب تاريخ بغداد ت بشار (ج13/ص380) فقال قرأت في كتاب أبي الحسن بن الفرات بخطه أخبرنا محمد بن العباس الهروي، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه، قال: سئل يعني: صالح بن محمد فذكره. إسناده حسن صحيح
- أبو الحسن بن الفرات هو محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات قال الخطيب وكان ثقة كتب الكثير وجمع ما لم يجمعه أحد في وقته (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج4/ص207)
- محمد بن العباس الهروي هو أبو عبد الله محمد بن العباس بن أبي ذهل الضبي العصمي قال أبو عبد الله الحاكم هو ثقة في الحديث وقال الخطيب وكان العصمي ثبتاً ثقة نبيلاً رئيساً جليلاً من ذوي الأقدار العالية (الإرشاد للخليلي ج3/ص879 وتاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج4/ص203)
- يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه هو أبو الفضل الهروي الحافظ صدوق روى عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي بالإجازة كما في كتابه الجرح والتعديل واعتمد عليه وروى عنه غيره
- والبعض قال الواسطة بين علي بن أبي طلحة وابن عباس مجاهد وعكرمة وهما ثقتان فلا يضر قلت وكيف عرفتم؟
الجواب
1- أبو جعفر النحاس المتوفى (338 هجري) في كتابه الناسخ والمنسوخ (ص75) قال النحاس والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة وهذا القول لا يوجب طعنًا لأنه أخذه عن رجلين ثقتين وهو في نفسه ثقة صدوق انتهى ثم أردف كلام أحمد في تقوية الصحيفة وهو ما أسنده في كتابه الناسخ والمنسوخ وأيضا أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح مشكل الآثار وفيه قال الإمام أحمد "بمصر كتاب معاوية بن صالح في التأويل، لو دخل رجل إلى مصر، فكتبه ثم انصرف به ما رأيت رجليه ذهبت باطلا" وسنده إلى أحمد بن حنبل حسن فيه الحسين بن فهم قال الدارقطني ليس بالقوي ووثقه الخطيب فهو حسن
الرد
قلتُ: لا يعني قول أحمد بن حنبل أن هذه الصحيفة صحيحة بل هي تقوية فقط يعني في الشواهد والمتابعات حيث روى محمد بن عبد الرحمن البغدادي وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني كلاهما عن أبي الحسن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال: قال لي أحمد بن حنبل: علي بن أبي طلحة له أشياء منكرات (انظر الضعفاء الكبير للعقيلي ج3/ص234، والعلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل رواية المروذي وغيره ت وصي الله عباس ص205)
وأما بالنسبة لكلام النحاس فلم نفهم لكن كأن أحداً قال الواسطة عكرمة ومجاهد ولذلك فهو منقطع فرد النحاس عليه وقال لا بل هو متصل لكن من هؤلاء؟ لا نعلم، إذاً هم مجهولون وإذا أخذ النحاس بهذه الواسطة نقول كيف علمت الواسطة فأنت متأخر عن العلماء المتقدمين وقد ذكرنا أقوالهم ولم يثبت الواسطة أحد منهم وبالتالي فكلامك مردود لأننا لا نأخذ العلم من مجاهيل!
2- أبو جعفر الطحاوي المتوفى (321 هجري) في كتابه شرح معاني الآثار (ج3/ص279) قال إلى ما احتجوا به في ذلك من خبر ابن عباس رضي الله عنهما الذي رويناه في صدر هذا الكتاب وإن كان خبرا منقطعاً لا يثبت مثله غير أن قوما من أهل العلم بالآثار يقولون: إنه صحيح وإن علي بن أبي طلحة وإن كان لم يكن رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فإنما أخذ ذلك عن مجاهد وعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما. انتهى ثم أردف كلام أحمد في تقوية الصحيفة
الرد
قومًا من أهل العلم مجهولون لأننا لا نعرفهم! فنحن لا نأخذ ديننا من مجاهيل ونكرر لم يردنا عن الأئمة المتقدمين الحذق سوى نفيهم للسماع فكلامه مردود أيضاً
وزعم البعض أن البخاري احتج أو اعتمد على تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بها في صحيحه
قلت البخاري لم يحتج بعبد الله بن صالح الذي في سنده فكيف يحتج بطريقه!، وقد قال البخاري "وكل رجل لا أعرف صحيح حديثه من سقيمه لا أروي عنه ولا أكتب حديثه". فهل أنتم مثل الإمام البخاري الذي يحفظ آلاف الأسانيد والمتون والعارف بعللها؟!
ثانياً: المتن
قوله (فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها) وهذا ظاهره دخول الأجانب علي النساء في بيوتهن فيرون وجهها وكفاها أما في الشارع فلا! لكن المخالفون قالوا كلمة (الناس) هنا هم المحارم فأقول هل انتبهتم أن هذ الجزء من الآية هي الزينة الظاهرة المختصة بالأجنبي وليست الباطنة المختصة بالمحارم؟!
لا لم تنتبهوا لأنكم منهمكون ومنشغلون بتأويل كلام ابن عباس!
وإذا كانت الواسطة بين علي بن أبي طلحة وابن عباس كما يزعم المخالفون هو مجاهد أو ابن جبير أو عكرمة فقد فسر مجاهد وابن جبير وعكرمة الزينة الظاهرة بالوجه والكفين (انظر تخريج طرقهم مفصلًا هنا) ولم نر هذه الزيادة قط فليتأمل المنصف بل كلهم خالفوه!
ثالثاً: أمثلة على منكرات من هذا السند
المثال الأول:
قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير}
1- طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
أخرجه الطبري في التفسير ت شاكر (ج20/ص465) والبيهقي في البعث والنشور ت حيدر (ص86) كلاهما من طريق أبي صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (ثم أورثنا الكتاب ... ) إلى قوله (الفضل الكبير) هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورثهم الله كل كتاب أنزله؛ فظالمهم يغفر له، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيراً، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.
2- طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس
أخرجه عبد الرزاق في التفسير (ج3/ص71) وابن أبي حاتم الرازي في التفسير ت أسعد (ج10/ص3181) والبيهقي في البعث والنشور ت حيدر (ص87) والنحاس في إعراب القرآن (ج3/ص252) وضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة (ج13/ص20-22) وإسحاق البستي في تفسيره (ج2/ص168) كلهم (عبد الرزاق وعلي بن هاشم بن مرزوق وسعيد بن منصور ووكيع وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي ومحمد بن أبي عمر العدني) عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله، عنهما فمنهم ظالم لنفسه قال: هو الكافر.
إسناده صحيح
- عمرو بن دينار هو أبو محمد المكي الجمحي إمام ثقة ثبت سمع من ابن عباس وروى عن تلاميذ ابن عباس كعطاء وغيره عن ابن عباس
إسحاق السبتي في تفسيره (ج2/ص167) والطبري في تفسيره ط دار التربية حدثنا الحسين بن الحريث [زاد الطبري: أبو عمار المروزي]، قال: حدثنا الفضل بن موسى -هو السيناني-، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس، {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} قال: اثنان في الجنة وواحد في النار. يعني يقصد أن الظالم هو الذي في النار
وهذا إسناد حسن
المقارنة
في سند علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال ابن عباس الظالم يغفر له يعني مسلم لكن ظالم بدليل أنه يُغفر له
وفي سند عمرو بن دينار عن ابن عباس الظالم هو الكافر ومعلوم الكافر لا يُغفر له! ولذلك قال الإمام البيهقي في البعث والنشور ت حيدر (ص86) اختلفت الروايات فيه عن ابن عباس فروي عنه... وساق سند علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وعمرو بن دينار عن ابن عباس فتأملوا!
المثال الثاني:
{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ...إلخ} وهذه الآية خاصة بالمحارم يعني للزوج والأولاد والأخوة والأخوات
عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ...إلخ} الزينة التي يبدينها لهؤلاء: قرطاها، وقلادتها، وسوارها، فأما خلخالاها ومعضداها ونحرها [[[وشعرها، فإنه لا تبديه إلا لزوجها]].
بمعنى أن الابن لا يجوز له أن يرى شعر أمه ولا أخو الأم فتأمل
المثال الثالث:
في تفسير كلمة {ثيابهن} في قوله تعالى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ}
1- روى عكرمة وعمرو بن دينار ثقتان كلاهما عن ابن عباس قال في {ثيابهن} هو الجلباب (انظر تخريجهما في هذه المقالة بالتفصيل)
2- بينما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في {ثيابهن} هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج ما يكره الله.
وهنا جاء بزيادة تالله لهي منكرة باطلة يعني في البيت وليس في الخارج أمام الأجانب فكأن الأمر أصبح لا معنى له، يعني وكأن ابن عباس يقول للأجانب لهم الحق في رؤيتها بلا جلباب لكن في بيتها، أما خارج بيتها فأصبح الأمر بلا معنى، وأيضاً المرأة حرة في البيت تلبس ما تشاء! بينما أصحاب تغطية يتعامون عن قول ابن عباس هذا ويقولون يجوز للقواعد أن تكشف وجهها خارج بيتها!
يعني يأخذون بقول ابن عباس في الزينة مع ضعف إسناده ويتغاضون عن هذا في القواعد لأنه سينقض مذهبهم لأنه كلام لا معنى له ولم يقل به أحد فالله يقول للقواعد أن تضع الجلباب هذا في حال خرجت من البيت أمام الجانب بينما قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة عنه يقول بل في البيت تضع الجلباب! لا معنى له
وكما تقدم رواه ثقتان ثبتان في ابن عباس أنه الجلباب فقط ولم يذكروا هذه الزيادة!
المثال الرابع:
(انظر هذا المثال في هذه المقالة بالتفصيل)
خامساً: تضعيف مصطفى العدوي وأبي إسحاق الحويني لهذا السند
وقد ضعف هذا الإسناد أبو إسحاق الحويني ومصطفى العدوي بالرغم مذهبهما هو وجوب تغطية الوجه
فأما أبو إسحاق الحويني فقد قال: وفي النفس غصة من تجويد هذا الإسناد ولم أقف على قائل هذا القول: أن الواسطة بين ابن أبي طلحة وابن عباس هو: مجاهد أو سعيد بن جبير، ولا على دليله على ذلك ولقد مررت على كثير من كتب الحديث فلم أر لعليّ بن أبي طلحة عن مجاهد إلا الحرف بعد الحرف ولو سلمنا أنه روى عن مجاهد هذه الصحيفة وهي طويلة فما المصلحة من إسقاطه وجعل السند منقطعاً؟ والذي يترجح عندي هو ضعفُ هذا الإسناد والله أعلم (انظر نثل النبال ج2/ص529)
وأما مصطفى العدوي فقد قال: لكن في إسناد هذا كلام إذ إن الراوي عن ابن عباس هو علي بن أبي طلحة، وهو لم يسمع منه وقد قيل: إن بينهما مجاهداً لكننا الآن علي ضعف رواية علي عن ابن عباس (انظر الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين لمصطفى العدوي ص28)
هذا والله أعلم