نشرت منشورًا وشرحت فيه أن معنى (أخدان) هو صاحب المرأة التي يزني بها سرًا أو الرجل الذي يزني بامرأة واحدة بالسر (اقرأ هذا المنشور من هنا) فقال رجلٌ لي بل معناه الصديق أو الصديقة فقط حيث قال وفهمك للتفسير غلط جداً جداً وباطل! وذهب ينقل قولاً دون أن يكلف نفسه بالبحث في كتب التفسير حيث قال لي بالحرف
[[وتفسير قوله: (ولا متخذات أخدان) قال ابن عباس: المسافحات، هن الزواني المعالنات يعني الزواني اللاتي لا يمنعن أحدا أرادهن بالفاحشة. (ومتخذات أخدان) يعني: أخلاء وكذا روي عن أبي هريرة، ومجاهد والشعبي، والضحاك، وعطاء الخراساني، ويحيى بن أبي كثير، ومقاتل بن حيان، والسدي، قالوا: أخلاء. وقال الحسن البصري: يعني: الصديق .
فقط الضحاك خالف وفسرها بالزنا حتماً فقال: (ولا متخذات أخدان) ذات الخليل الواحد المسيس المقرة به، نهى الله عن ذلك، يعني عن تزويجها ما دامت كذلك.
وأخلاء لا تحمل معنى الزنا إطلاقًا..
الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين..هل هذا يعني الزناة..؟ لم يقل بذلك أحد وتفسير الحسن البصري أنه الصديق والصديق لا يترافق مع الزنا أيضاً
والتفسير يلي قلت به لم يقل به غير الضحاك (ذات الخليل الواحد) فكيف تقول لا يعرف له مخالفاً..! ]]
انتهى كلامه
قلت هذا من تفسير ابن كثير وسنناقشه فيها نقطة بنقطة ونبين له أخطائه في فهم كلام العلماء
1) قول ابن عباس
قال الرجل: [وتفسير قوله: (ولا متخذات أخدان) قال ابن عباس: المسافحات، هن الزواني المعالنات يعني الزواني اللاتي لا يمنعن أحدا أرادهن بالفاحشة. (ومتخذات أخدان) يعني: أخلاء] انتهى
قلت يقصد ابن عباس بالأخلاء المرأة التي يكون لها صديق يزني بها بالسر وليس مجرد صديق فقط والأدلة
1- أخرج الطبري من نفس السند في تفسيره (ج9/ص591) حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "ولا متخذي أخدان"، يعني: يسرُّون بالزنا. انتهى وكلا القولين يعني أخلاء و يسرون بالزنا أخرجهما الطبري من نفس هذا السند
2- التفسير الذي نقله الرجل هو من تفسير ابن كثير من سورة النساء ولكن قال ابن كثير في تفسيره ط السلامة (ج3/ص43) {غَيْرَ مُسَافِحِينَ} وَهُمُ: الزُّنَاةُ الَّذِينَ لَا يَرْتَدِعُونَ عَنْ مَعْصِيَةٍ، وَلَا يَرُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ عَمَّنْ جَاءَهُمْ، {وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} أَيْ: ذَوِي الْعَشِيقَاتِ الَّذِينَ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا مَعَهُنَّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ سَوَاءٌ. انظر كيف قال ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلا معهن يعني لا يفعلون الزنى إلا معهن وأشار إلى سورة النساء يعني التفسير الذي نقل منه الرجل فعلمنا أنه فهم كلام ابن كثير بشكل خاطئ
3- قال الثعالبي في تفسيره (ج2/ص219) ومتخذات الأخدان هن المستترات اللواتي يصحبن واحدًا واحدًا، ويزنين خفية، وهذان كانا نوعين في زنا الجاهلية قاله ابن عباس وغيره. فانظر كيف فهم الثعالبي قول ابن عباس وكيف فهم هو
4- الطبري نفسه عندما ساق الإسناد الذي فيه "أخلاء" ذكره تحت من قال بالزنا سرًا حيث قال في تفسيره (ج8/ص193) وذكر أن ذلك قيل كذلك، لأن "الزواني" كنّ في الجاهلية، في العرب: المعلنات بالزنا، و"المتخذات الأخدان": اللواتي قد حبسن أنفسَهن على الخليل والصديق، للفجور بها سرًّا دون الإعلان بذلك ذكر من قال ذلك (يعني يقصد الطبري ذكر من قال بهذا المعنى) فأسرد الأسانيد ومنها سند ابن عباس
5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (ج32/ص126) بعد أسطر من نقله لكلام ابن عباس "أخلاء" قال وَجَبَ الْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مِنْ اتِّخَاذِ الْأَخْدَانِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ إذَا كَانَ يَزْنِي بِهَا وَحْدَهَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهَا لَمْ يَطَأْهَا غَيْرُهُ وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي تَلِدُهُ مِنْهُ وَلَا يَثْبُتُ لَهَا خَصَائِصُ النِّكَاحِ.
2) قول عامر الشعبي
قال الرجل: [وكذا روي عن جماعة منهم الشعبي يعني بمعنى أخلاء] يعني معنى صديق فقط كما نعرفه وهذا خطأ أيضًا إنما هو الخليل أو الصديق الذي يزني بها بالسر والأدلة
1- أخرج الطبري بإسناد صحيح عن عامر الشعبي الزنا زناءان: تزني بالخدن ولا تزني بغيره، وتكون المرأة سَوْمًا، ثم قرأ: "محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان" (انظر تخريجه في هذه المقالة)
2- قال الواحدي في التفسير الوسيط (ج6/ص456) وقال الشعبي: الزنا على نحوين خبيثين، أحدهما أخبث من الآخر، فأما الذي هو أخبثهما فالسفاح، وهو الفجور بمن أتاها، والثاني: اتخاذ الخدن، وهو الزنا في السر
3- قال الرازي في تفسيره (ج11/ص295) وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ قَالَ الشَّعْبِيُّ: الزِّنَا ضَرْبَانِ: السِّفَاحُ وَهُوَ الزِّنَا عَلَى سَبِيلِ الْإِعْلَانِ، وَاتِّخَاذُ الْخِدْنِ وَهُوَ الزِّنَا فِي السِّرِّ. فانظر كيف فهم هذا المفسر
4- قال أبو حفص سراج الدين في كتابه اللباب في علوم الكتاب (ج7/ص214) {وَلاَ متخذي أَخْدَانٍ} قال الشعبِيُّ: الزِّنَا ضربان: السفاح وهو الزِّنَا على سبيل الإعلان، واتَّخاذ الخدن وهو الزّنا في السرِّ
3) قول الحسن البصري
قال الرجل: الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين..هل هذا يعني الزنا..؟ لم يقل بذلك أحد وتفسير الحسن البصري أنه الصديق والصديق لا يترافق مع الزنا أيضاً
قلت:
1- قال أبو محمد البغوي في تفسيره ط إحياء التراث (ج1/ص599) وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ، أَيْ: أَحْبَابٍ تَزْنُونَ بِهِنَّ فِي السِّرِّ، قَالَ الْحَسَنُ: الْمُسَافِحَةُ هِيَ أَنَّ كُلَّ مَنْ دعاها تبعته، وذات الخدن: أن تَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ لَا تَزْنِي إِلَّا مَعَهُ، وَالْعَرَبُ كَانَتْ تُحَرِّمُ الْأُولَى وَتُجَوِّزُ الثَّانِيَةِ.
يعني العرب تحرم المسافحة ولا تحرم الخدن بالسر
2- قال السمعاني في تفسيره (ج1/ص416) {غير مسافحات} أَي: غير زانيات {وَلَا متخذات أخدان} فالمسافحة: هِيَ أَن تمكن مِنْهَا كل أحد، قَالَ الْحسن: المسافحة: هِيَ امْرَأَة كل من أَوَى إِلَيْهَا تَبعته، وَذَات الخدن: هِيَ أَن تخْتَص بصديق، وَالْعرب كَانَت تحرم الأولى وتستبيح الثَّانِيَة.
قلت يعني والله أعلم ذات الخدن تختص بصديق واحد يزني بها فقط أما المسافحة فهي مع كل أحد والعرب كانت تحرم المسافحة ولا تحرم الأخرى
قلت فكأن كلام الحسن في وجهان الأول كما هو قولنا، والثاني: الحبيب فالله أعلم بمراده
4) الضحاك
قال الرجل: [فقط الضحاك خالف وفسرها بالزنا حتماً]. انتهى قلت سبحان الله وكيف ابن كثير يقول عن قول ابن عباس أخلاء وكذا روي عن جماعة منهم الشعبي والضحاك [وكذا] يعني مثله روي عن ابن عباس وجماعة منهم الشعبي والضحاك فهل جمع ابن كثيرين بين النقيضين؟! ولو كان قولهما يختلفان عن بعضهما لكان ابن كثير فرق بينهما وقال: قال ابن عباس أخلاء وأما الشعبي والضحاك فقالا أخلاء مع الزنا! لتتضح لنا لكن سبحان الله النسخ أصبح يوقف الدماغ حتى أصبحنا لا نفكر ولهذا يا أخوان قال الله عز وجل {ولا تقفُ ما ليس لك به علم} فمن ينسخ من غوغل ولا يقرأ من الكتب يظن نفسه أكثر معرفة ويؤيد ذلك دراسة من جامعة ييل الأمريكية ملخصها الناس التي تستخدم غوغل (google) يعتقدون بأنهم أكثر ذكاء أو معرفة بكثير مما هم عليه فعلاً!
طبعاً لا شك أنني لا أحل الصداقة بين الرجل والمرأة ضحك ودردشة وخلوة...إلخ كما بينته في منشوري السابق ولكن المقصد تفسير "أخدان" ليس معناه الصديق فقط
وهذا قول عامة العلماء والمفسرين منهم
1- إمام المفسرين الطبري حيث قال في تفسيره ت شاكر (ج8/ص193) ولا متخذات أخدان"، يقول: ولا متخذات أصدقاء على السفاح. والسفاح يعني الزنا
2- شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في كتابه الفتاوى الكبرى (ج3/ص187) وقوله تعالى: {ولا متخذي أخدان} [المائدة: 5] حرم به أن يتخذ صديقة في السر تزني معه لا مع غيره.
3- وأبو جعفر النحاس في كتابه معاني القرآن (ج2/ص65) حيث قال: (ولا متخذات أخدان) الخدن الصديق أي غير زانيات بواحد ولا مبذولات.
4- الثعلبي في تفسيره (ج3/ص289) حيث قال: وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ: أحباب يزنون بهن في السر.
5- قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن ط العلمية (ج2/ص211) وَالْخِدْنُ هُوَ الصَّدِيقُ لِلْمَرْأَةِ يَزْنِي بِهَا سِرًّا.
6- أبو حيان الأندلسي في كتابه البحر المحيط في التفسير (ج3/ص589) وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَالْمُسَافِحُونَ هُمُ الزَّانُونَ الْمُبْتَذِلُونَ، وَكَذَلِكَ الْمُسَافِحَاتُ هُنَّ الزَّوَانِي الْمُبْتَذِلَاتُ اللَّوَاتِي هُنَّ سُوقٌ لِلزِّنَا. وَمُتَّخِذُو الْأَخْدَانِ هُمُ الزُّنَاةُ الْمُتَسَتِّرُونَ الَّذِينَ يَصْحَبُونَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ مُتَّخِذَاتُ الْأَخْدَانِ هُنَّ الزَّوَانِي الْمُتَسَتِّرَاتُ اللَّوَاتِي يَصْحَبْنَ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَيَزْنِينَ خُفْيَةً. وفي (ج3/ص597) وَهَذَانِ نَوْعَانِ كَانَا فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، والشعبي، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُهُمْ. وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ أَيْ: وَلَا مُتَسَتِّرَاتٍ بِالزِّنَا مَعَ أَخْدَانِهِنَّ. وَهَذَا تَقْسِيمُ الْوَاقِعِ لِأَنَّ الزَّانِيَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ، وَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدٍ، وَعَلَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ كَانَ زِنَا الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ قَوْمٌ يُحَرِّمُونَ مَا ظَهَرَ مِنَ الزِّنَا وَيَسْتَحِلُّونَ مَا خَفِيَ مِنْهُ. وَالْخِدْنُ: هُوَ الصَّدِيقُ لِلْمَرْأَةِ يَزْنِي بِهَا سِرًّا.
7- العز بن عبد السلام في تفسيره (ج1/ص373) {متخذي أَخْدَانٍ} : ذات خليل تقيم معه على السفاح.
8- الكرماني في غرائب التفسير وعجائب التأويل (ج1/ص292) (ولا متخذات أخدان) زواني سرًا.
9- القرطبي في تفسيره (ج5/ص143) (ولا متخذات أخدان) أصدقاء على الفاحشة، وأحدهم خدن وخدين، وهو الذي يخادنك، ورجل خدنة، إذا اتخذ أخذانا أي أصحابا، عن أبي زيد وقيل: المسافحة المجاهرة بالزنى، أي التي تكري نفسها لذلك وذات الخدن هي التي تزني سرًا. وقيل: المسافحة المبذولة، وذات الخدن التي تزني بواحد. وكانت العرب تعيب الإعلان بالزنى، ولا تعيب اتخاذ الأخدان، ثم رفع الإسلام جميع ذلك.
10- قال الماتريدي في تفسيره (ج3/ص114) والمتخذات أخدان: هن اللاتي لا يزنين إلا بأخدانهن.
11- إبراهيم البقاعي في كتابه نظم الدرر (ج5/ص238) {ولا متخذات أخدان} أي أخلاء في السر للزنى معينين، لا تعدو ذات الخدن خدنها إلى غيره.
12- قال الواحدي في التفسير الوسيط (ج2/ص36) {ولا متخذات أخدان} [النساء: 25] جمع خدن وهو الذي يخادنك. و(ج2/ص158) {ولا متخذي أخدان} [المائدة: 5] تسرون بالزنا.
13- الماوردي في تفسيره (ج1/ص473) {وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} هو أن تتخذ المرأة خدناً وصديقاً ولا تزني بغيره و(ج2/ص17) {وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} هي ذات الخليل الواحد تقيم معه على السفاح.
14- مكي بن أبي طالب في الهداية إلى بلوغ النهاية (ج2/ص1292) {وَلاَ متخذي أَخْدَانٍ} أي: أَخِلاّءٌ على الزّنى، والخدن: الخليل للمرأة يزانيها.{وَلاَ متخذات أَخْدَانٍ} وليس ممن لهن أصدقاء على السفاح لأنهن في الجاهلية كان لهن الخليل، والصديق يحبسن أنفسهن للفجور عليه سراً. و(ج3/ص1612) {وَلاَ متخذي أَخْدَانٍ} أي: أَخِلاّءٌ على الزّنى، والخدن: الخليل للمرأة يزانيها.
هذا والله أعلم