قلت هذه الجلسة اسمها جلسة الاستراحة وهي بعد القيام من السجدة الثانية في الركعة الأولى إلى الركعة الثانية أو بعد القيام من السجدة الثانية في الركعة الثالثة إلى الرابعة والحديث رواه البخاري في الصحيح من طريق أيوب، عن أبي قلابة، قال: جاءنا مالك بن الحويرث، فصلى بنا في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، قال أيوب: فقلت لأبي قلابة: وكيف كانت صلاته؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة - قال أيوب: وكان ذلك الشيخ يتم التكبير، وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض، ثم قام.
ومعنى اعتمد على الأرض يعني استخدم يديه في الاستناد عند القيام
أولا: أبو قلابة الراوي عن مالك بن الحويرث نفسه اعتمد على يديه عند القيام أخرج ذلك ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج1/ص236) حدثنا عباد بن العوام، عن خالد، قال: رأيت أبا قلابة، إذا سجد بدأ فوضع ركبتيه، وإذا قام اعتمد على يديه. إسناده صحيح وخالد هو الحذاء وقال البخاري في قرة العينين (ص43) قال ابن علية: أخبرنا خالد أن أبا قلابة، كان يرفع يديه إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وكان إذا سجد بدأ بركبتيه، وكان إذا قام ادعم على يديه قال، وكان يطمئن في الركعة الأولى ثم يقوم.
ثانيًا: هكذا كان يفعل ابن عمر أيضًا أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج2/ص194) أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنبأ أبو محمد أحمد بن إسحاق بن شيبان بن البغدادي بهراة أنبأ معاذ بن نجدة، ثنا كامل بن طلحة، ثنا حماد هو ابن سلمة، عن الأزرق بن قيس قال: رأيت ابن عمر إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض بيديه فقلت لولده ولجلسائه: لعله يفعل هذا من الكبر؟ قالوا: لا ولكن هذا يكون. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج1/ص347) ومن طريقه وابن المنذر في في الأوسط (ج3/ص199) حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس قال: رأيت ابن عمر، نهض في الصلاة ويعتمد على يديه. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج2/ص249) وابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج1/ص347) كلاهما من طريق عبد الله [وعند ابن أبي شيبة: العمري]، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة، معتمدا على يديه قبل أن يرفعهما ولفظ ابن أبي شيبة: أنه كان يعتمد على يديه.
ثالثًا: قال الشافعي عَقِبَ هذا الحديث كما في الأم (ج1/ص139) وبهذا نأخذ فنأمر من قام من سجود، أو جلوس في الصلاة أن يعتمد على الأرض بيديه معا اتباعا للسنة. انتهى كلام الشافعي
وقد يقول القائل ما هي صفة الاعتماد على اليدين عند القيام بالضبط أهو القيام بواسطة وضع باطن الكفين على الأرض أم كهيئة العاجن؟
الجواب حديث العجن لا يثبت لمخالفته للثقات وفيه علة وهو انقطاع السند (انظر تخريجه هنا) وإن كنت تعقبت راوي حديث العجن الهيثم بن عمران وروى عنه أربعة عشر راوياً كلهم ثقات (انظر الرواة عنه بالتفصيل) لكن قد خالف الثقات الحفاظ فإذا علمت ذلك فأنت حر سواء على باطن الكفين أو كهيئة العاجن
وأما حديث النهي عن الاعتماد على اليد فهو حديث تم فهمه بشكل خاطئ إنما لو تتبعت طرقه بان لك أنه في حالة الجلوس من السجدة لا تعتمد على يديك وليس في حالة النهوض من السجدة إلى الركعة الثالثة (انظر طرقه هنا) ولهذا قال الرافعي في شرح مسند الشافعي (ج1/ص365) وحملوا ما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يعتمد الرجل على يديه في الصلاة على حالة الجلوس؛ لما روى أحمد بن حنبل، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يديه.
هذا والله تعالى أعلم