أما من الصحابة فلا علم لي أن صحابياً أخرجها نقوداً أو قال بنص أنه يجوز إخراجها نقداً ومن يقول غير ذلك فنقول له هات المصدر مع الإسناد لنرى أين قالوا هذا الكلام! فإما مدلس وإما زلة وإما أحمق يكذب
وصح عن ابن عباس أنه قال صدقة الفطر صاع من طعام (انظر تخريجه في هذه المقالة)
وأما من التابعين فنعم ورد ذلك عن بعضهم وأنا ذاكرهم مع بيان صحيح أسانيدها من ضعيفها
1) عمر بن عبد العزيز
1- عوف بن أبي جميلة عن عمر بن عبد العزيز
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت عوامة (ج6/ص507) حدثنا أبو أسامة، عن عوف [وفي تحقيق كمال وقع: ابن عون، وفي تحقيق الشثري وقع: ابن عوف]، قال: سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ إلى عدي بالبصرة: يؤخذ من أهل الديوان من أعطياتهم، عن كل إنسان نصف درهم. إسناده صحيح والصواب عوف والباقي تصحيف وأخرجه ابن زنجويه في الأموال (الأثر برقم 2453) ثنا علي بن الحسن - هو ابن شقيق -، عن ابن المبارك، عن عوف قال: قرئ علينا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة رمضان: واجعل على أهل الديوان نصف درهم من كل إنسان، يؤخذ من أعطياتهم. إسناده صحيح
2- قتادة عن عمر بن عبد العزيز
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ط العلمية (ج5/ص298) أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة قال: كان عمر بن عبد العزيز يأخذ من أهل الديوان صدقة الفطر نصف درهم. صحيح
3- قرة بن خالد السدوسي عن عمر بن عبد العزيز
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج2/ص398) حدثنا وكيع، عن قرة، قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم. إسناده صحيح
4- يزيد بن أبي حبيب عن عمر بن عبد العزيز
أخرجه ابن زنجويه في الأموال (الأثر برقم 2451) ثنا أبو الأسود، ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أن عمر بن عبد العزيز كتب: يؤخذ من عطاء كل رجل نصف درهم زكاة الفطر قال يزيد: فهم حتى الآن يأخذونهم به.
صحيح وهذا إسناد ضعيف
5- معمر بن راشد عن عمر بن عبد العزيز
أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج3/ص235) عن معمر، قال: كتب عمر بن عبد العزيز على كل اثنين درهم، يعني زكاة الفطر. صحيح قال معمر: هذا على حساب ما يعطى من الكيل.
2) الزهري عن الأئمة
أخرجه ابن زنجويه في الأموال (الأثر برقم 2452) أنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني يونس، عن ابن شهاب قال: أخذت الأئمة في الديوان زكاة الفطر في أُعْطِيَاتِهِمْ.
إسناد ضعيف من أجل عبد الله بن صالح وأظن ابن شهاب الزهري يقصد بالأئمة عمر بن عبد العزيز بدليل قوله في الديوان وأعطياتهم فهو الذي أمر
3) و4) الحسن البصري وسفيان الثوري
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج2/ص398) حدثنا وكيع، عن سفيان - هو الثوري -، عن هشام، عن الحسن، قال: لا بأس أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر.
رجاله ثقات ولا أقول إسناده صحيح لأن بعضهم تكلموا في رواية هشام عن الحسن وأنه يرسل وهنا لم يصرح بالسماع من الحسن لذلك قلت رجاله ثقات ولم أقل إسناده صحيح
وأخرجه ابن زنجويه في الأموال (الأثر برقم 2454) أنا محمد بن يوسف - هو الفريابي -، ثنا يوسف، عن هشام - هو ابن حسان الأزدي -، عن الحسن قال: إذا أعطى الدرهم من زكاة الفطر أجزأ عنه قال سفيان: إذا أعطى قيمة - يعني نقوداً - نصف صاع من حنطة أجزأ عنه.
قلت "يوسف" في السند خطأ ولعله من النساخ إنما هو "سفيان" ولهذا من قال قد توبع يوسف فهو خطأ فالاسم مصحف إنما هو نفسه سفيان
5) أبو إسحاق السبيعي عن من يرى الجواز نقداً
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج2/ص398) حدثنا أبو أسامة، عن زهير، قال: سمعت أبا إسحاق، يقول: أدركتهم وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام. وأخرجه ابن زنجويه في الأموال (الأثر برقم 2455) ثنا محمد بن عمر الرومي، أنا زهير أبو خيثمة، عن أبي إسحاق الهمداني قال: كانوا يعطون في صدقة الفطر بحساب ما يقوم من الورق.
إسناده ضعيف قلت زهير سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط قاله أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان (انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص588-589)
وأبو إسحاق السبيعي لم يدرك أبا بكر الصديق المتوفى (13 هجري) ولا معاذ بن جبل المتوفى (17 هجري) ولا عمر بن الخطاب المتوفى (23) ولم يسمع من ابن مسعود المتوفى (32) ولا من أبي الدرداء المتوفى (32) ولا من عثمان بن عفان المتوفى (35) ولم يسمع من علي بن أبي طالب وقال أبو حاتم الرازي لا يصح لأبي إسحاق عن أنس بن مالك رؤية ولا سماع وقال أيضاً لم يسمع أبو إسحاق من ابن عمر إنما رآه رؤية وقال أحمد بن حنبل لم يسمع من الصحابي سراقة بن مالك (انظر المراسيل لابن أبي حاتم ص146)
يعني لو قصد أبو إسحاق الصحابة بقولهم (أدركتهم) فهؤلاء الصحابة ليسوا منهم وهذا على فرض أن الأثر صحيح وقوله أدركتهم يحتمل إنه يقصد التابعين!
6) يحيى بن معين أفتى بذلك لكن بشرط إذا تعسر عليك الطعام عندها تعطي المال
قال ابن محرز في تاريخ ابن معين (ج2/ص20) سمعت يحيى بن معين سئل عن زكاة الفطر فقال أحب إلينا أن نعطى ما أمر به التمر والحنة والشعير قيل له فالدراهم قال إذا عسر عليه هذا فلا بأس أن يعطى قيمة ذلك.
7) حميد بن زنجويه
قال حميد بن زنجويه في الأثر (برقم 2457) من كتابه الأموال: القيمة تجزي في الطعام إن شاء الله، والطعام أفضل.
وروي عن غيرهم من الأئمة من الحنفية وما تعجبت من شيء إلا من سفيان الثوري أنه أجاز النقود فهو من الإمام الثقات الحفاظ الفقهاء فلا أدري كيف قال هذا وعلى كل حال لا حجة في هذه الآثار جميعاً وإنما الحجة هو النبي صلى الله عليه وسلم فقد صح عن ابن عباس أنه قال: ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويدع غير النبي صلى الله عليه وسلم (انظر تخريجه هنا) وقال الله عز وجل {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} وقد فرضها النبي صلى الله عليه وسلم بأن تكون من جنس الطعام وليس من النقود والحديث في الصحيحين والمسألة معروفة
هذا والله تعالى أعلم