قلت طلاق الغضبان يقع وقد صح أن رجلاً جاء إلى ابن عباس فقال يا ابن عباس إني طلقت امرأتي ثلاثًا وأنا غضبان، فقال: إن ابن عباس لا يستطيع أن يحل لك ما حرم عليك عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك (انظر تخريج أثر ابن عباس في هذه المقالة بالتفصيل)
فهذا غضبان وقال له ابن عباس قد حرمت عليك! ولا أعرف صحابيًا مخالفًا لابن عباس في هذا فأين أنتم من هذا الأثر وكأنه غير موجود في قاموسكم أوليس هذا سلفكم! أم لم تكونوا على علم بهذا الأثر بسبب التقليد والنسخ واللصق!
وقد صح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن جميلة (خولة) كانت امرأة أوس بن الصامت، وكان رجلاً به لَمَمٌ، فكان إذا اشتد لَمَمُهُ ظَاهَرَ من امرأته، فأنزل الله عز وجل فيه كفارة الظهار (انظر تخريجه في هذه المقالة)
واللمم يعني الغضب وأوس بن الصامت في حالة غضبه و(وظاهر من امرأته) أي أن أوسًا عندما غضب قال لامرأته أنتِ علي كظهر أمي ففرض الله عليه الكفارة ولم يقل الله هو غاضب فلا تقع عليه الكفارة فتأمل! ولهذا قال ابن رجب الحنبلي فهذا الرجل ظاهر في حال غضبه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى حينئذ أن الظهار طلاق، وقد قال: إنها حرمت عليه بذلك، يعني: لزمه الطلاق، فلما جعله الله ظهارا مكفرًا ألزمه بالكفارة، ولم يلغه (انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب ت ماهر الفحل ج1/ص422)
ثم نقول لهؤلاء ما حكم من كفر وهو غضبان؟!
أما الذي يغضب غضبًا شديدًا بحيث يؤدي إلى غياب عقله وكأنه مجنون فإن هذا لا يقع طلاقه وما عليه عامة الناس هو الغضب المعروف وعليه فطلاقه واقع
وأما الذين احتجوا بحديث لا طلاق ولا عتاق في إغلاق فهو ضعيف ثانيًا ليس معناه الغضب فقط!! بل الأكثرون على أنه الإكراه (انظر تخريج هذا الحديث مع تفسير كلمة الإغلاق في هذه المقالة بالتفصيل) ولو قلنا أنه الغضب فهو الغضب الشديد الذي يؤدي إلى غياب العقل لدرجة أننا نقول فلان أصبح مجنونًا هكذا بهذه الصفة نقول طلاقه غير واقع وهؤلاء الذين ينشرون وما لهم غير التقليد والنسخ واللصق ليكتبوا مقالة وإني أعجب أليس فيكم مجتهد فقط تصبحون عباقرة في النسخ واللصق
وأما الذين احتجوا بقوله تعالى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} وأن ابن عباس فسرها بقوله لغوا اليمين أن تحلف وأنت غضبان. فهذا أثر ضعيف لا يثبت عن ابن عباس (انظر تخريجه بالتفصيل في هذه المقالة)
ونقول للذي يغضب تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. أخرجه البخاري في صحيحه (ج8/ص28)
هذا والله المستعان