أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت، وكان رجلاً به لَمَمٌ، فكان إذا اشتد لَمَمُهُ ظَاهَرَ من امرأته، فأنزل الله عز وجل فيه كفارة الظهار.
سنذكر معنى الحديث ثم ننتقل إلى صحة الحديث
أما معنى الحديث
فقد اختلف في معنى اللمم في هذا الحديث
1- قال الخطابي معنى اللمم ههنا الإلمام بالنساء وشدة الحرص والتوقان إليهن يدل على ذلك قوله في هذا الحديث من الرواية الأولى كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، وليس معنى اللمم ههنا الخبل والجنون ولو كان به ذلك ثم ظاهر في تلك الحالة لم يكن يلزمه شيء من كفارة ولا غيرها والله أعلم (معالم السنن للخطابي ج3/ص254)
2- قال عبد المحسن العباد اللمم هنا أنه إذا حصل له غضب أو انفعال ظاهر من زوجته (انظر شرح سنن أبي داود لعبد المحسن العباد ج254/ص15)
3- قالوا اللمم مس من الجن وهذا التفسير خطأ وقد رده الخطابي كما تقدم لأن المجنون في الأصل ليس عليه شيء مرفوع عنه القلم فكيف يحاسب؟
والذي أرجحه هو القول الثاني أي الغضب والله أعلم
وأما صحة الحديث
حكم الحديث: صحيح
رواه حماد بن سلمة واختلف عنه
فرواه موسى بن إسماعيل التبوذكي عن حماد عن هشام بن عروة مرسلاً. أخرجه أبو داود في السنن ت الأرنؤوط (ج3/ص540)
وخالفه أبو النعمان محمد بن الفضل وسليمان بن حرب وأسد بن موسى والأسود بن عامر شاذان فرووه عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة. وهذا إسناد صحيح وهو الصواب أما رواية محمد بن الفضل فقد أخرجها أبو داود في السنن ت الأرنؤوط (ج3/ص540) والحاكم في المستدرك على الصحيحين (ج2/ص523) وأما رواية سليمان بن حرب فقد أخرجها البيهقي في معرفة السنن والآثار (ج11/ص115) وأما رواية أسد فقد أخرجها الطبري في تفسيره ت شاكر (ج23/ص226) وأما رواية أسود فقد أخرجها أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (ج6/ص3291)
ورواه عبد الأعلى بن حماد عن حماد بن سلمة واختلف عنه
فرواه موسى بن هارون البغدادي عن عبد الأعلى، قال: نا حماد، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن عائشة مرسلاً ليس فيه عروة. أخرجه ابن المنذر في الإقناع (ج1/ص320)
وخالفه عمر بن شبة في تاريخ المدينة (ج2/ص398) فقال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة متصلاً وهذا إسناد صحيح
وأخرج الطبري في تفسيره ت شاكر (ج23/ص225) حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبان العطار، قال: ثنا هشام بن عروة، عن عروة، أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان: كتبت إلي تسألني عن خويلة ابنة أوس بن الصامت، وإنها ليست بابنة أوس بن الصامت، ولكنها امرأة أوس، وكان أوس امرأ به لمم، وكان إذا اشتد به لممه تظاهر منها، وإذا ذهب عنه لممه لم يقل من ذلك شيئًا، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه وتشتكي إلى الله، فأنزل الله ما سمعت، وذلك شأنهما. إسناده صحيح
وأخرج عمر بن شبة في تاريخ المدينة (ج2/ص395) والسند له والطحاوي في أحكام القرآن (ج2/ص390) حدثنا عبد الله بن رجاء قال: حدثنا إسرائيل، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن زيد، في قول الله: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} [المجادلة: 1] فقال: هي خولة بنت الصامت، كان زوجها مريضًا فدعاها - يعني ليجامعها - فلم تجبه، ثم دعاها فلم تجبه، فقال: أنت علي مثل ظهر أمي. رجاله ثقات وإسرائيل ثقة ثبت في جده أبي إسحاق إلا أنه روى عنه بعد الاختلاط
وقد توبع إسرائيل تابعه حديج عن أبي إسحاق إلا أنه زاد فيه إنها كانت تصلي حينما دعاها أخرجه الطوسي في مستخرج على جامع الترمذي (ج5/ص261) من طريق خالد بن أبي يزيد وعمر بن شبة في تاريخ المدينة (ج2/ص395) من طريق محمد بن بكار والطبراني في المعجم الكبير (ج6/ص3313 وج6/ص3313) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني ثلاثتهم عن حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق الهمداني عن يزيد بن زيد - هو الهمداني - عن خولة بنت صامت وكان زوجها مريضًا فدعاها وكانت تصلي فأبطأت عليه فقال: أنت على كظهر أمي إن أنا وطئتك.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم