جاءت امرأة إلى الحجاج فقالت له: أشكو إليك قلة الفئران في بيتي فقال الحجاج لأحد العاملين عنده: اقطع لسانها.
قلت قولها (قلة الفئران) يعني أنا فقيرة والفئران لا تخرج إلا في بيت فيه أكل متوفر وقول الحجاج (اقطع لسانها) أي أعطيها المال أو المؤونة لتنقطع لسانها عنا
قلت حدث خلط بين قصتين هنا عند عوام الناس أما قول المرأة (أشكو إليك قلة الفئران في بيتي) فليس بينها وبين الحجاج إنما روي أنه حدث ذلك بين امرأة والصحابي قيس بن سعد بن عبادة
أخرج ذلك أحمد بن مروان الدينوري في المجالسة (ج4/ص265-266) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج49/ص415) نا محمد بن عبد الرحمن، نا إبراهيم بن المنذر، عن ابن فليح، عن موسى بن عقبة؛ قال: خرج قيس بن سعد في جيش فيهم عمر بن الخطاب، فجعل قيس ينفق على الجيش حتى قفلوا، فقال بعضهم لسعد: إن ابنك قيسا لم يزل ينفق على الجيش حتى قفلوا فقال: أتبخلوني في ابني؟! والله! إني لأحمده على السخاء وأذمه على البخل ووقفت على قيس بن سعد عجوز؛ فقالت: أشكو إليك قلة الجرذان فقال قيس: ما أحسن هذه الكناية! املؤوا بيتها خبزاً ولحماً وسمناً وتمراً.
إسناده ضعيف جدًا رجاله صدوقون إلا أن الدينوري صاحب الكتاب نفسه اتهمه الدارقطني بالكذب (راجع ترجمته في الميزان للذهبي ج1/ص156 ولسان الميزان لابن حجر ت أبي غدة ج1/ص672) من ثم هو مرسل موسى لم يدرك قيساً
وله طريق آخر أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج49/ص421) أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي أنبأ أبو الحسن بن أبي الحديد أنبأنا جدي أبو بكر أنبأنا [أبو] محمد بن زبر حدثنا إبراهيم بن مهدي الأيلي حدثنا أبو حاتم السجستاني حدثنا الأصمعي عن جويرية قالت جاءت عجوز قيس بن سعد بن عبادة قد كان يعرفها فقال لها كيف أنت فقالت أحمد الله إليك ما في بيتي فأرة تدب فقال لقد سألت فأحسنت لأملأن عليك بيتك فأرا فأمر لها بدقيق كثير وزيت وما يحتاج إليه فحمل معها وانصرفت.
إسناده هالك ساقط أبو محمد بن زبر هو عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر الربعي ليس بشيء وإبراهيم بن مهدي الأبلي قال الأزدي يضع الحديث وقال الخطيب وكان ضعيف الحديث (المتفق والمفترق للخطيب ج1/ص285) هذا من ثم هو مرسل أيضًا
وأما القصة التي حدثت بين المرأة (اسمها ليلى الأخيلية) والحجاج بن يوسف الثقفي
أخرجها السرقسطي في الدلائل في غريب الحديث (ج3/ص1025) حدثنا إسماعيل الأسدي، عن محمد بن حاتم النحوي، عن الهيثم بن عدي، عن أبي عمرة الأنصاري، عن الشعبي، قال: كنت عن يمين الحجاج ذات يوم إذ دخلت أعرابية كأنها قمر، فسلمت، ثم جلست، فقال الحجاج: ما جاء بك؟ قالت: اختلاف الحلوم، وكثرة الغروم، قال: ما حال الناس؟ قالت: البلاد مقشعرة، والفجاج مغبرة، والناس مسنتون، ورحمة الله يرجون، وأنشدته، فوجم الحجاج لكلامها، ثم قال الحجاج: يا شعبي، أتعرف هذه؟ ، قلت: لا، إلا أني لم أر امرأة قط أشعر منها، قال: هذه ليلى الأخيلية، ثم أمر الحجاج حرسياً على رأسه، فقال: اقطع عني لسانها، فخرج بها الحرسي، ليقطع لسانها، فقالت: ويلك إنما أمرك أن تقطع لساني بعطية لا بمدية، فرجعت إليه مع الحرسي، فقالت: أراد والله أن يقصب مقولي، فقال: يا غلام، أعطها عشرة آلاف درهم.
إسنادها ضعيف جدًا الهيثم متروك متهم بالكذب
وأخرج بنحوها المعافى بن زكريا في الجليس الصالح (ص76-78) وأبو عالي القالي في أمالية (ج1/ص86) وجعفر السرّاج في مصارع العشاق (ج1/ص283) وابن الجوزي في كتابيه ذم الهوى (ص427) والمنتظم (ج6/ص174) ثلاثتهم من طريق أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، قال: حدثني أبي، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد - هو النحوي -، عن أبي الحسن المدائني، عمن حدثه، عن مولى لعنبسة ابن سعيد بن العاص، قال: كنت أدخل مع عنبسة إذا دخل على الحجاج... [وفيه] جاء الحاجب فقال: امرأة بالباب، فقال الحجاج: أدخلها فدخلت، فلما رآها الحجاج طأطأ رأسه حتى ظننت أن ذقنه قد أصاب الأرض، فجاءت حتى قعدت بين يديه فنظرت إليها فإذا امرأة قد أسنت، حسنة الخلق، ومعها جاريتان لها، وإذا هي ليلى الأخيلية، فسألها الحجاج عن نسبها فانتسبت له، فقال لها: يا ليلى! ما أتاني بك؟ قالت: إخلاف النجوم وقلة الغيوم وكلب البرد وشدة الجهد، وكنت لنا بعد الله الرفد...... ثم قال - يعني الحجاج -: يا غلام! اذهب بها إلى فلان فقل له: اقطع لسانها، فقال له: يقول لك الأمير: اقطع لسانها، قال: فأمر بإحضار الحجام، والتفتت إليه وقالت: ثكلتك أمك، أما سمعت ما قال، إنما أمرك أن تقطع لساني بالبر والصلة فبعث إليه يستثبته، فاستشاط الحجاج غضباً وهم بقطع لسانه - يعني لسان الغلام لأنه اخطأ الفهم -، وقال: ارددها، فلما دخلت عليه، قالت: كاد - وأمانة الله - أيها الأمير يقطع مقولي....... ثم قال - يعني الحجاج - لها: سلي يا ليلى تعطي، قالت: أعط فمثلك أعطى فأحسن، قال: لك عشرون قالت زد فمثلك زاده فأجمل، قال: لك أربعون، قالت: زد فمثلك زاد فأفضل، قال: لك ستون قالت: زد فمثلك زاد فأكمل، قال: لك ثمانون، قالت: زد فمثلك زاد فتمم، قال: لك مائة، واعلمي يا ليلى أنها غنم، قالت: معاذ الله أيها الأمير، أنت أجود جودا وأمجد مجدا وأورى زندا من أن تجعلها غنما، قال: فما هي ويحك يا ليلى؟ قالت: مائة ناقة برعاتها، فأمر لها بها، ثم قال: لك حاجة بعدها، قالت: تدفع إلي النابغة الجعدي في قيد، قال: قد فعلت، وقد كانت تهجوه ويهجوها، فبلغ النابغة ذلك فخرج هاربا عائذا بعبد الملك بن مروان فاتبعته فهرب إلى قتيبة بن مسلم بخراسان فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة، فماتت بقومس ويقال بحلوان.
إسناده ليش بشيء أحمد بن عبيد ضعيف وقوله (عمن حدثه) مجهول العين ومولى عنبسة مجهول أيضًا
وأخرج بنحوها أيضاً أبو عبيد الله المرزباني في أشعار النساء (ص51-57) أخبرني عبد الله بن يحيى قال: أخبرني محمد بن جعفر العطار - أظنه أبو بكر النحوي يلقب خرتك من أهل المخرم -، قال: حدثنا ابن أبي سعد، قال: حدثني أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي قال: حدثني هاشم بن محمد الهلالين، قال: حدثني أيوب بن عمرو عن رجل من بني عامر يقال له: ورقا فذكر نحوه.
إسناده ليس بشيء
- عبد الله بن يحيى وفي أسانيد أخرى نسبه وقال العسكري وهو نفسه أبو الحسن المظفر بن يحيى الشرابي ثقة قاله الخطيب (انظر موضح أوهام الجمع والتفريق ج2/ص493-494 وتاريخ بغداد ت بشار للخطيب ج15/ص162)
هذا والله أعلم