السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكم الحديث: ضعفه البخاري وأبو حاتم الرازي والدارقطني
سننقل كلام الأئمة فيه من ثم أقوالهم في تفسيره لأن الحديث ليس بكامل وهو قطعة من حديث
أما أقوال العلماء في ضعف الحديث
الحديث روي مرسلاً - يعني منقطعاً - ومتصلاً
قال الإمام البخاري الصحيح عن قيس بن أبي حازم مرسل (علل الترمذي ص264)
وقال الإمام أبو حاتم الرازي والمرسل أشبه (علل الحديث لابن أبي حاتم ج3/ص371)
وقال الإمام الدارقطني عن المرسل وهو الصواب (علل الدارقطني ج13/ص464)
والمرسل ضعيف وكل من صحح الحديث من المتأخرين كلامهم يضرب عرض الحائط لأن الجهابذة أئمة العلل هم الذين ضعفوه وشواهده إما قاصرة أو فيها نظر وفقاً لقواعد علم الحديث ولا شك ولا ريب في أن قولهم هو الصواب
وهناك شاهد له من حديث آخر ضعيف جداً وهو من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله (انظر تخريجه بالتفصيل في هذه المقالة)
وأما تفسير الحديث فسأضع الحديث كاملاً ثم نضع ما قالوا فيه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى خثعم فاعتصم ناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا: يا رسول الله، ولم؟ قال: لا تراءى ناراهما.
فالحديث ظاهره أن هذا في الحرب فلم يستطع المسلمون الذين هجموا على الكفار أن يميزوا بين الكافر والمسلم فقتلوا المسلمين الذي هم بين أظهر الكفار ولهذا قال الرسول أنا بريء من هؤلاء يعني بريء من دمائهم فماذا يفعلون بينهم والحرب قائمة!
ومع قولنا هذا قال ابن الجوزي فيه ثلاثة أقوال
أحدها أن المعنى لا ينزل المسلم بالموضع الذي ترى ناره نار المشرك إذا أوقدوا والمقصود البعد عن جوار المشركين.
والثاني أن المراد نار الحرب فنار المسلمين تدعو إلى التوحيد ونار الكفار تدعو إلى الشرك ولا يتفقان ذكر القولين أبو عبيد - هو القاسم بن سلام الهروي وذكر القولين في كتابه غريب الحديث -
والثالث أن المراد لا يتسم المسلم بسمة المشرك ولا يتخلق بأخلاقه من قولك ما نار نعمك أي ما سمتها.
وفي كتاب الأم للشافعي (ج6/ص36) باب [قتل المسلم ببلاد الحرب] قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ...} [النساء: 92] قال الشافعي قوله {من قوم} [النساء: 92] يعني في قوم عدو لكم ثم ساق الشافعي بإسناده إلى قيس بن أبي حازم وذكر حديثنا هذا بكامله ثم قال إن كان هذا يثبت - يعني يقصد إن كان هذا الحديث صحيحًا - فأحسب النبي صلى الله عليه وسلم أعطى من أعطى منهم متطوعاً وأعلمهم أنه بريء من كل مسلم مع مشرك والله أعلم في دار الشرك ليعلمهم أن لا ديات لهم ولا قود وقد يكون هذا قبل نزول الآية فنزلت الآية بعد ويكون إنما قال إني بريء من كل مسلم مع مشرك بنزول الآية.
ولمعرفة حكم العيش في بلاد الكفار (انظر هذه المقالة)
هذا والله أعلم