حديث من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ومن وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة.
حكم الحديث: ضعيف منكر وكذا ضعفه البخاري والترمذي وأبو داود السجتساني ويحيى بن معين والعجلي ولم يأخذ به أحمد بن حنبل واستنكره النسائي
صححه الحاكم وهو متساهل يصحح أحاديث موضوعة مثل حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها وابن القيم وهو متساهل أيضاً والألباني رحمهم الله قلت ولا يصح كما سيأتي من أقوال أئمة العلل الكبار وسنناقش كلام الألباني في تصحيحه
قلت هذا الحديث أخرجه الترمذي في العلل الكبير (ج1/ص236) وفي السنن ت بشار (ج3/ص108) والحاكم في المستدرك (ج4/ص395) من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به، ومن وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة [زاد في السنن: فقيل لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ قال: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئاً، ولكن أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم كره أن يؤكل من لحمها، أو ينتفع بها، وقد عمل بها ذلك العمل].
قلت ضعفه الإمام البخاري والترمذي قال الترمذي سألت محمداً - يعني البخاري - عن حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس فقال: عمرو بن أبي عمرو صدوق ولكن روى عن عكرمة مناكير ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمع عن عكرمة ثم قال البخاري ولا أقول بحديث عمرو بن أبي عمرو أنه من وقع على بهيمة أنه يقتل وقال يحيى بن معين ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقتلوا الفاعل والمفعول به (الكامل لابن عدي ج6/ص206) وقال العجلي ينكر عليه حديث البهيمة (الثقات للعجلي ط الدار ج2/ص181)
يعني قصد البخاري أنه دلسه ولم يسمع من عكرمة
قلت ووجه الإنكار عندنا أنه صح من حديث أبي نضرة عن ابن عباس أنه سئل ما حد اللوطي قال ينظر أعلى بناء في القرية فيرمي به منكساً ثم يتبع الحجارة (انظر تخريجه هنا) وهذا صريح في مخالفة ابن عباس للمرفوع عنه فلا فيه قال الرسول ارْمِ به من فوق ولا فيه اتبعوه بالحجارة فكيف يروي ابن عباس عن الرسول القتل ثم يفتي ابن عباس بخلاف ذلك ويقول ارموه من فوق ثم اتبعوه بالحجارة!
وقال ابن حجر والخبر الوارد في قتل الفاعل والمفعول به أو رجمهما ضعيف (فتح الباري لابن حجر ج12/ص116)
وقد توبع عمرو بن أبي عمرو تابعه داود بن الحصين أخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (ج1/ص202) حدثنا علي بن داود القنطري، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا يحيى بن أيوب، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اقتلوا الفاعل والمفعول به، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي كل ذات محرم.
وابن جريج قبيح التدلس فقد دلس في هذا فاسقط راويين والدليل أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج11/ص226) حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي، ثنا أحمد بن محمد القواس، ثنا عبد المجيد، عن ابن جريج، أخبرني إبراهيم بن داود بن الحسين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقتلوا الفاعل والمفعول به عمل قوم لوط، والذي يأتي البهيمة والذي يأتي ذات محرم. قلت "إبراهيم بن داود بن الحسين" تصحيف وصوابه "إبراهيم عن داود بن الحصين" وقال أبو داود السجستاني في السنن ت الأرنؤوط (ج6/ص512) ورواه ابن جريج، عن إبراهيم، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رفعه.
- إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي ضعيف وداود بن الحصين فيه كلام
قال أبو حاتم الرازي هذا حديث منكر، لم يروه غير ابن أبي حبيبة (علل الحديث لابن أبي حاتم ج4/ص204) وقال ابن حبان وهذا باطل لا أصل له (المجروحين لابن حبان ت حمدي ج1/ص107) وقال علي بن المديني ما روى -يعني داود بن الحصين- عن عكرمة فمنكر الحديث (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص409) وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: أحاديثه عن عكرمة مناكير وأحاديثه عن شيوخه مستوفية (شرح ابن ماجه لمغلطاي ص576)
وأما بالنسبة للبهيمة فقد جاء ما يخالفه أيضاً عن ابن عباس
أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (ج1/ص553) من طريق شعبة بن الحجاج وعبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج7/ص311) من طريق سفيان الثوري وأبو داود السجستاني في السنن ت الأرنؤوط (ج6/ص514) من طريق شريك وأبي الأحوص وأبي بكر بن عياش كلهم عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن ابن عباس في الذي يأتي البهيمة، قال: ليس عليه حد.
إسناده صحيح وأبو رزين هو مسعود بن مالك
قال أبو داود حديث عاصمٍ يُضعِّفُ حديثَ عَمرو بن أبي عَمرو
ولم يأخذ الإمام أحمد بن حنبل بهذا الحديث والدليل قال إسحاق بن منصور الكوسج قلت لأحمد بن حنبل الرجل يقع على البهمية؟ قال: لا أرى عليه القتل ولا الحد ولكن يؤدب (مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج ج7/ص3467)
بل وحتى إن تلميذ ابن عباس وهو عطاء بن أبي رباح يقول ما نزل في البهيمة شيء يعني ما ورد عن النبي فيه شيء أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج7/ص310-311) أخبرنا ابن جريج، قال: سألت عطاء، عن الذي يأتي البهيمة، قال: لم يكن الله نسياً أن ينزل فيه، ولكنه قبيح، فقبحوا ما كان قبيحاً.
إسناده صحيح وعطاء من أصحاب ابن عباس الملازمين له فكيف لم يسمع فيه شيئاً من ابن عباس فهذا احتماله قائم وإن لم يكن جازماً لأن لقائل أن يقول لعل خبر ابن عباس لم يصل لعطاء والله أعلم
وأيضاً ابن شهاب الزهري ومالك بن أنس أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج7/ص311) أخبرنا ابن جريج، قال: قال ابن شهاب: في الرجل يقع على البهيمة من الأنعام، قال: لم أسمع فيها سنة، ولكن نراه مثل الزاني، إن كان أحصن أو لم يحصن.
قلت قوله (لم أسمع فيه سنة) يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال مالك بن أنس في الموطأ رواية الزهري (ج2/ص22) سألت ابن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط، فقال ابن شهاب: عليه الرجم، أحصن أو لم يحصن. قال مالك: وذلك رأيي.
وأما تصحيح الألباني له فبعد أن روى أسرد قول أبي داود (حديث عاصمٍ يُضعِّفُ حديثَ عَمرو بن أبي عَمرو) نقل قول البيهقي عقب قول أبي داود وهو (ولا أرى عمرو بن أبي عمرو يقصر عن عاصم ابن بهدلة، في الحفظ، كيف وقد تابعه على روايته جماعة؟)
قلت والرد على هذا أن علته في عنعنه عمرو بن أبي عمرو في عكرمة كما قال جبل العلل البخاري وأما قول البيهقي (كيف وقد تابعه على روايته جماعة؟) ومتابعة الألباني له على هذا فنقول أما الجماعة الذين أشارا إليهم فهم
1- طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي عن داود بن الحصين عن عكرمة
قلت تقدم قول ابن حبان أنه باطل وقال أبو حاتم الرازي حديث منكر! وقد خفي على الألباني قول أبي حاتم وقال علي بن المديني وأبو داود: داود بن الحصين يروي المناكير عن عكرمة فتأمل! فسقطت هذه الطريق
2- عباد بن المنصور عن عكرمة
وهذه قد دلسها عباد بن منصور عن إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عكرمة والدليل قال ابن حبان وكل ما روى عن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين فدلسها عن عكرمة ثم ضرب ابن حبان مثالاً لذلك وساق بسنده إلى يحيى بن سعيد القطان، يقول: قلت لعباد بن منصور الناجي عمن سمعت "مَا مَرَرْتُ بِمَلَأ مِنَ الْمَلَائِكَةِ" وأن النبي كان يكتحل بالليل ثلاثًا؟ فقال: حدثني ابن أبي يحيى، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس (المجروحين لابن حبان ت حمدي ج2/ص156) وقال أبو بكر البزار عباد لم يسمع من عكرمة (مسند البزار ط العلوم والحكم ج11/ص177) وقال الآجري سئل أبو داود سمع عباد عن عكرمة؟ قال: شيئاً والبقية لم يسمعها (سؤالات الآجري لأبي داود ت الأزهري ص213) فعدنا إلى الطريق الأولى وقد رأيت أنها منكرة ضرب عليها أبو حاتم وابن حبان وعلي بن المديني وأبو داود وخفي على الألباني قول ابن حبان وأبي حاتم
3- حديث أبي هريرة
وهو ما أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (ج10/ص387-389) ومن طريقه ابن عدي في الكامل (ج1/ص106) حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير، حدثنا علي بن مسهر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه. قال أبو يعلى: ثم بلغني أنه رجع عنه [وعند ابن عدي: ثم بلغني أن عبد الغفار رجع عنه] ثم أسرد له ابن عدي حديثاً آخر وقال قال لنا محمد بن حاتم: لقنوه أصحاب الحديث فتلقن، ثم رجع عنه. انتهى يعني تراجع عن سنده لأنه غلط قلت فسقط الاحتجاج والألباني سكت عن هذا ولم يقل شيئاً
وأخيراً ما صح ظاهره عن عمر بن الخطاب
أخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق (ص207) والبيهقي في شعب الأيمان (ج7/ص284) من طريق أحمد بن منصور الرمادي وأبو عروبة الحراني في الأوائل (ص132) من طريق سلمة بن شبيب وإبراهيم الدبري كما في مصنف عبد الرزاق ط التأصيل (ج10/ص280) ثلاثتهم عن عبد الرزاق، أنبا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: أول ما اتهم بالأمر القبيح يعني عمل قوم لوط، على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اتهم به رجل، فأمر عمر شباب قريش أن لا يجالسوه.
هذا إسناد ظاهره الصحة وهو غريب لتفرد عبد الرزاق به
هذا والله أعلم