قال الصحابي عبد الله بن مسعود: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وأكابرهم، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم، فذلك حين هلكوا.
وفسر كلام ابن مسعود هذا عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري فقال: يريد لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ، ولم يكن علماؤهم الأحداث، لأن الشيخ قد زالت عنه ميعة الشباب وحدته وعجلته وسفهه واستصحب التجربة والخبرة فلا يدخل عليه في علمه الشبهة، ولا يغلب عليه الهوى، ولا يميل به الطمع، ولا يستزله الشيطان استزلال الحدث ومع السن الوقار، والجلالة والهيبة، والحدث قد يدخل عليه هذه الأمور، التي أمنت على الشيخ، فإذا دخلت عليه، وأفتى هلك وأهلك (انظر الفقيه والمتفقه للخطيب ج2/ص155)
حكم الأثر: صحيح ثابت وروي بنحوه عن عمر بن الخطاب (انظر تخريجه في هذه المقالة)
1) سعيد بن وهب عن ابن مسعود
أخرجه ابن عبد المبارك في الزهد (ج1/ص281) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (ج1/ص617) والطبراني في المعجم الكبير (ج9/ص114) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين كلاهما عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود قال: فذكره.
إسناده صحيح وقد تابعه شعبة بن الحجاج كما سيأتي
وأخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (ج2/ص697) أخبرنا أبو سعيد الحسن بن أحمد بن عبد الله بن حسنويه الكاتب بأصبهان، نا أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف التميمي، نا أبو سعيد عمران بن عبد الرحيم، نا الحسين بن حفص الهمداني أبو محمد، نا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، قال: حدثني سعيد بن وهب، قال: قال عبد الله بن مسعود: فذكره.
- أبو سعيد عمران بن عبد الرحيم هو عمران بن عبد الرحيم بن عمران بن عبد الملك الباهلي قال الخطيب البغدادي وكان ثقة (تلخيص المتشابه في الرسم ج2/ص696) وقال أبو الشيخ الأصبهاني كان يرمى بالرفض كثير الحديث حدث بعجائب (طبقات المحدثين لأبي الشيخ ج3/ص235) وقال السليماني: فيه نظر، هو الذي وضع حديث أبي حنيفة عن مالك (ميزان الاعتدال للذهبي ج3/ص238) قلت ويجب أن يراجع كلام السليماني في الوضع ليرى هل تابع أحد عمران بن عبد الرحيم عن أبي حنيفة فإذا تابعه أحد فعمران بريء والله أعلم
وقد توبع سفيان الثوري
1- تابعه شعبة بن الحجاج
أخرجه آدم بن أبي إياس في العلم والحلم (الأثر برقم 63) حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو إسحاق الهمداني، قال: سمعت سعيد بن وهب يقول: سمعت ابن مسعود يقول: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل علمائهم، وذوي أسنانهم، وأكابرهم، فإذا أتاهم من قبل أصاغرهم وأسافلهم فقد هلكوا. إسناده صحيح
وقد توبع آدم بن أبي إياس
أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (ج2/ص155) من طريق أبي القاسم عبد الملك بن محمد عبد الله بن بشران الواعظ والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى ت عوامة (ج2/ص641) من طريق أبي محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (ج1/ص616) من طريق أبي زيد عبد الرحمن بن يحيى بن محمد العطار ثلاثتهم عن أبي حفص عمر بن محمد بن أحمد الجمحي، حدثنا علي بن عبد العزيز - هو أبو الحسن البغوي - نا مسلم بن إبراهيم - هو الفراهيدي -، نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن عبد الله، قال: لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوه من صغارهم وشرارهم هلكوا.
- أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد الجمحي هو عمر بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن عمرو بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية القرشي المكي صدوق شيخ الحاكم وصحح له في المستدرك
لكن أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج9/ص114) وابن عدي في الكامل (ج1/ص260) كلاهما عن أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، ثنا محمد بن كثير، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن زيد [وعند ابن عدي: سعيد] بن وهب، عن عبد الله، قال: لن يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل أكابرهم، وذوي أسلافهم، فإذا أتاهم من قبل أصاغرهم هلكوا.
قال الطبراني هكذا رواه شعبة، عن أبي إسحاق، عن زيد بن وهب. قلت والصواب ما عند ابن عدي
ثم قال الطبراني حدثنا محمد بن السري بن مهران الناقد، ثنا الحكم بن موسى، ثنا معمر بن سليمان - هو الرقي -، عن زيد بن حبان - هو الرقي الكوفي -، عن أبي إسحاق، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود، قال: فذكره. قلت زيد بن حبان فيه كلام
وأخرجه ابن الأعرابي في معجمه (ج2/ص478) وأبو عبد الله بن منده في مسند آدهم (ص34) وفي مجلس من أماليه (ص106) من طريق أبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء (ج8/ص49) من طريق محمد بن أحمد بن الوليد الكرابيسي كلاهما عن أبي سلمة إسحاق بن سعيد بن الأركون الدمشقي، نا سهل بن هاشم، عن إبراهيم بن أدهم، عن شعبة بن الحجاج قال: أنبأني أبو إسحاق الهمداني قال: سمعت زيد بن وهب يقول: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من علمائهم وكبرائهم [زاد أبو نعيم: وذوي أسنانهم]، فإذا أتاهم العلم من صغارهم وسفلتهم [وعند أبي نعيم: وسفهائهم ] فقد هلكوا.
إسناده ضعيف جداً أبو سلمة إسحاق بن سعيد بن الأركون الدمشقي قال أبو حاتم الرازي ليس بثقة (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج2/ص221) وقال الدارقطني متروك
2- وتابعه معمر بن راشد
أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج9/ص108) عن معمر، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، قال: سمعت ابن مسعود يقول: لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا.
3- وتابعه حمزة بن حبيب الزيات
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (ج7/ص310-311) بتصرف حدثنا محمد بن إبراهيم بن عامر، نا عمي محمد بن عامر، نا أبي، نا زياد أبو حمزة، عن حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب قال: قال عبد الله بن مسعود: لن يزال الناس مستمسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من الصغار فعند ذلك هلكوا.
- عمي محمد بن عامر هو محمد بن عامر بن إبراهيم بن واقد بن عبد لله الأصبهاني قال ابن أبي حاتم الرازي سمعت منه بأصبهان وكان صدوقاً (الجرح والتعديل ج8/ص44)
- أبي هو عامر بن إبراهيم بن واقد بن عبد لله الأصبهاني مؤذن مسجد أصبهان قال أبو داود الطيالسي اكبتوا عنه فإنه ثقة (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج6/ص319) وقال عمرو بن علي الفلاس وكان ثقة من خيار الناس (انظر السنن الكبرى للنسائي ط الرسالة ج10/ص344)
- زياد أبو حمزة قال أبو نعيم زياد أبو حمزة قدم أصبهان كوفي الأصل، يروي عن حمزة الزيات، وعن مقاتل بن سليمان، روى عنه عامر بن إبراهيم (تاريخ أصبهان ج1/ص374) قلت ولم أجد فيه جرحاً ولا تعديلاً
4- وتابعه الرافضي عمرو بن ثابت
أخرجه ابن عدي في الكامل (ج1/ص261) أنبأنا محمد بن الحسين بن حفص - هو أبو جعفر الأشناني -، حدثنا عباد بن يعقوب - هو الرَّوَاجَنِيُّ - أنبأنا عمرو بن ثابت - رافضي -، عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لا يزال الناس متماسكين ما أخذوا العلم من أصحاب محمد وأكابرهم، فإذا أخذوه من أصاغرهم فقد هلكوا.
وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (ج1/ص616) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ج1/ص94) من طريق أبي علي الحسن بن قتيبة الخزاعي المدائني، نا المغيرة بن مسلم [وعند اللالكائي: مغيرة السراج]، وفطر بن خليفة، ومالك بن مغول، وسفيان الثوري، ويونس بن أبي إسحاق، وشعبة بن الحجاج، وشريك، والمسعودي [وعند اللالكائي: عبد الرحمن المسعودي]، وإسرائيل، وأبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، قال: قال عبد الله بن مسعود: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل أكابرهم فإذا أتاهم من قبل أصاغرهم هلكوا.
- أبو علي الحسن بن قتيبة الخزاعي المدائني الخياط قال الدارقطني متروك وقال أبو الفتح الأزدي واهي الحديث (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج8/ص416) وقال أبو حاتم الرازي ليس بقوي الحديث ضعيف الحديث (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص33) وقال العقيلي كثير الوهم (الضعفاء الكبير للعقيلي ج1/ص241) وقال ابن حبان كان يخطىء ويخالف (الثقات ج8/ص168) وقال ابن عدي وأرجو أنه لا بأس به (الكامل في ضعفاء الرجال ج3/ص174)
2) أبو الأحوص عن ابن مسعود
أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (ج1/ص616) أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، نا عمر بن محمد الجمحي، نا علي بن عبد العزيز، نا أحمد بن يونس، نا أحمد، يعني ابن طلحة، عن مطرف قال: سمعت سلمة بن كهيل، ذكر عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في كباركم فإذا كان العلم في صغاركم سفه الصغير الكبير.
- أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد الجمحي هو عمر بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن عمرو بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية القرشي المكي صدوق شيخ الحاكم وصحح له في المتستدرك
- علي بن عبد العزيز هو أبو الحسن البغوي ثقة
- أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس الضبي ثقة
- أحمد بن طلحة لم أعرفه
3) إبراهيم النخعي عن ابن مسعود
أخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في العلم (ص35) ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في ذوي أسنانكم فإذا كان العلم في الشباب أَنِفَ ذُو السِّنِ أن يتعلم من الشباب.
رجاله ثقات ومراسيل إبراهيم عن ابن مسعود صحيحة فقد قال أبو يوسف يعقوب بن شيبة قال لي علي بن المديني مرسل إبراهيم عن عبد الله خير من متصل غيره وهو عندي إسناد، وقال الأعمش قلت لإبراهيم النخعي: أسند لي عن ابن مسعود فقال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله بن مسعود فهو الذي سمعت وإذا قلت: قال عبد الله فهو عن غير واحد عن عبد الله (انظر ملخص من مسند يعقوب بن شيبة لأحمد بن أبي بكر الطبراني ط ابن الجوزي ص123، وسنن الترمذي ت بشار ج6/ص252)
هذا والله أعلم