عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه.
حكم الحديث: ضعيف لا يصح وقال البعض له شاهد! وسيأتي الكلام على الشاهد وقد صح في المقابل عن عائشة من طريقين التخير في الإحرام بين الكشف والتغطية وصح عن ابن عمر الكشف كما سيأتي
ملحوظة مهمة: قال موقع إسلام سؤال وجواب "صححه ابن خزيمة ( 4 / 203 ) قلت وهذا غلط فاحش فإن ابن خزيمة قال "وقد روى يزيد بن أبي زياد وفي القلب منه عن مجاهد، عن عائشة قالت: كنا مع رسول..إلخ"
فابن خزيمة يقول في الراوي يزيد "في القلب منه" يعني ضعيف فكيف يُقال صححه! وسيأتي أقوال العلماء في يزيد
ملحوظة أخرى: نقل بعضهم عن الألباني أنه قال "سنده حسن" وهذا بتر وتحريف أو سهو وعدم معرفة بعلم الحديث والألباني إنما قال "سنده حسن في الشواهد" أي سنده ضعيف لكن إذا كان له شاهدٌ يصبح حسناً ولذلك قال الألباني عن هذا الحديث بعينه في كتابه ضعيف أبي داود ط غراس (ج2/ص157) إسناد ضعيف لسوء حفظ يزيد بن أبي زياد. انتهى قلت فتأمل!
ولم يبيّن موقع إسلام سؤال وجواب معنى قول الألباني "سنده حسن في الشواهد" فظن العوام أنه "سنده حسن" حتى أن أحدهم ناقشني على تويتر فأصبح يصفني بالجاهل ثم يقول الألباني حسن يعني إسناده حسن وتالله لهو الباطل أفليس موقعكم للعوام وعندما الألباني حسن حديث كشف الوجه انتقدوه وردوا عليه وضعفوا الحديث فأي إنصاف هذا، قلت لا جرم فسيسألنا الله يوم القيامة
ملحوظة أخرى: قالوا أن الحافظ ابن حجر حسنه قلت وهذا وهم وغلط بل قال الحافظ ابن حجر في إسناده ضعف (انظر فتح الباري لابن حجر ط المعرفة ج3/ص406)
وأما كيف وقعوا في تحسين ابن حجر؟
فالجواب ذكر ابن حجر هذا الحديث في كتابه هداية الرواة إلى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة ط ابن القيم (ج3/ص106) وسكت عليه وقال ابن حجر في مقدمة هذا الكتاب "وما سكت عن بيانه فهو حسن" ولكن ابن حجر رحمه الله نسي شرطه الذي في مقدمة كتابه وسكت عليه فظن الناس أنه حسن وابن حجر نفسه يقول في هذا الحديث "في إسناده ضعف" كما في الفتح ويقول أيضاً يزيد ابن أبي زياد الهاشمي مولاهم الكوفي ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعياً كما في كتابه تقريب التهذيب (ص601)
وحدث هذا مع الحافظ ابن حجر في حديث آخر وسكت عليه فنقلوا أنه حسّنه وفي إسناده الواقدي وابن حجر نفسه يقول في إتحاف المهرة (ج4/ص185) ما كان الواقدي يستحي من الكذب (انظر هذا الحديث في هذه المقالة)
قلت ويزيد بن أبي زياد هو الذي روى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه، ثم لا يعود. وهو حديث ضعيف بالإجماع
قلت وأما حديث الركبان هذا ففي إسناده علتان والعلة الثانية احتمالية وليست قطعية كما سيأتي
العلة الأولى: أبو عبد الله يزيد بن أبي زياد الكوفي مولى بني هاشم صدوق لكنه ضعيف الحديث لا يحتج به لسوء حفظه وكان قد اختلط وقد كان يتلقن الحديث أيضاً والتلقين أن يدخل شخص حديثاً عليه فيظن يزيد بأنه من حديثه فيحدث الناس وهو يكون في الأصل لا أصل لذلك الحديث باطل! وإليك أقوال العلماء فيه
1) قال أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي في حديث يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، في الرايات السود، فقال: لو حلف عندي - يعني يزيد بن أبي زياد - خمسين يميناً قَسَامَةً ما صدقته أهذا مذهب إبراهيم، أهذا مذهب علقمة، أهذا مذهب عبد الله (الضعفاء الكبير للعقيلي ج4/ص380)
2) قال وكيع بن الجراح يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، يعني حديث الرايات ليس بشيء (الضعفاء الكبير للعقيلي ج4/ص379)
3) قال شعبة بن الحجاج كان يزيد بن أبي زياد رَفَّاعاً (الضعفاء الكبير للعقيلي ج4/ص379) قلت يعني الحديث يكون عن الصحابي فهو يرفعه ويجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم
4) أحمد بن حنبل
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه لم يكن يزيد بن أبي زياد بالحافظ، ومرة قال حديثه ليس بذاك وقال علي بن سعيد النسائي سئل أحمد بن حنبل عن يزيد بن أبي زياد؟ فضعفه وحرك رأسه
(انظر العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه ج1/ص368 والمجروحين لابن حبان ت حمدي ج2/ص452)
5) قال يحيى بن معين ليس بالقوي، ومرة قال ليس بذاك، ومرة قال لا يحتج بحديثه، ومرة ليس بحجة ضعيف الحديث وقال أبو يعلى الموصلي سئل يحيى بن معين وأنا حاضر عن يزيد بن أبي زياد؟ فقال: ضعيف الحديث وقال ابن أبي خيثمة عن يحيى ضعيف
(انظر تاريخ ابن معين رواية الدارمي ص93 ورواية الدوري ج3/ص361، وج4/ص59 وسؤالات ابن الجنيد لابن معين ص488 وص491) والمجروحين لابن حبان ت حمدي ج2/ص452 وتاريخ ابن أبي خيثمة السفر الثالث ج1/ص205)
6) قال النسائي يزيد بن أبي زياد كوفي ليس بالقوي (الكامل لابن عدي ج9/ص164)
7) قال أبو زرعة الرازي لين يكتب حديثه ولا يحتج به (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج9/ص265)
8) قال أبو حاتم الرازي ليس بالقوي (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج9/ص265)
9) قال البخاري يزيد بن أبي زياد صدوق ولكنه يغلط (العلل الكبير للترمذي ص330)
10) قال الدارقطني لا يخرج عنه في الصحيح ضعيف يخطئ كثيراً ويتلقن إذا لقن ومرة قال سيء الحفظ
(سؤالات البرقاني للدارقطني ت القشقري ص72 وعلل الدارقطني ج12/ص38)
11) قال ابن عدي يزيد بن أبي زياد من شيعة أهل الكوفة ومع ضعفه يكتب حديثه (الكامل في ضعفاء الرجال ج9/ص166)
12) قال ابن حبان كان يزيد صدوقاً إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير فكان يتلقن ما لقن فوقع المناكير في حديثه من تلقين غيره إياه وإجابته فيما ليس من حديثه لسوء حفظه وسماعُ من سمع منه قبل دخوله الكوفة في أول عمره سماع صحيح وسماع من سمع منه في آخر قدمته الكوفة بعد تغيير حفظه وتلقنه ما تلقن سماع ليس بشيء (المجروحين لابن حبان ت حمدي ج2/ص450)
13) قال ابن سعد وكان ثقة في نفسه إلا أنه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب (الطبقات الكبرى ط العلمية ج6/ص330)
العلة الثانية: اختلف العلماء المتقدمون في سماع مجاهد من عائشة قلت هو قد سمع منها كما في الصحيحين لكن هل كل أحاديثه على السماع أم أن هناك ما أرسله فيكون بينه وبين عائشة واسطة وعلى كل حال مراسيل مجاهد جيدة فالله أعلم
وأما بالنسبة للشاهد
زعم البعض أن له شاهد من حديث أسماء وهي تقول كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نتمشط قبل ذلك في الإحرام.
قلت والرد من وجهين
الوجه الأول: هل حادثة الصحابية أسماء تثبت أن حادثة عائشة ومعها النبي وقعت؟! إنما الشاهد هو أن يكون شخص آخر من نفس الحادثة كأن يأتينا إسناد آخر عن أم المؤمنين أم سلمة مثلاً تقول كنا مع النبي فتذكر كما ذكرت عائشة حتى يغلب على ظننا أن واقعة عائشة مع النبي وقعت
الوجه الثاني: إن كنتم تأخذون علم الحديث بهذه الطريقة إذاً نحن بنفس المبدأ سنقول حديث قتادة مرسلاً عن النبي في إظهار الوجه والكفين له شاهد عن ابن عمر وابن عباس إنهما فسرا الزينة الظاهرة بالوجه والكفين فيصبح حديث النبي صحيحاً وقد سبقنا البيهقي في هذا فقال "مع هذا المرسل - أي مرسل قتادة عن النبي - قول من مضى من الصحابة - يعني ابن عباس وغيره - في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة، فصار القول بذلك قوياً وبالله التوفيق (السنن الكبرى للبيهقي ط العلمية ج2/ص319)
وبالتالي قضينا عليكم فهل تقبلون بهذا؟! فإن قلتم لا قلت إذاً وجب أن تبتعدوا عن أهوائكم وتقولوا الحق وكما قال الله عزو جل {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}!
وقد صح عن عائشة من طريقين أنها قالت المحرمة تغطي وجهها إن شاءت (انظر تخريجه بالتفصيل في هذه المقالة)
فقول عائشة "إن شاءت" يعني هي حرة تكشف أو لا تكشف!
هذا وبالله العصمة