حديث أحياء والدي النبي صلى الله عليه وسلم
ملحوظة: قبل أن أبدأ أقول قال الحسن المثلث ابن علي بن أبي طالب لرجل ممن يغلو فيهم: ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا وإن عصينا الله فأبغضونا قال: فقال له رجل: إنكم ذو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته فقال الحسن: ويحكم لو كان الله عز وجل نافعاً بقرابة من رسوله بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أباه وأمه (انظر تخريجه في هذه المقالة بالتفصيل)
هذا يعني أن أبويه عند الحسن المثلث هما من أهل النار
وأما بالنسبة لحديث الإحياء
حكم الحديث: موضوع كذب باطل
رد هذا الحديث وحكموا عليه بالكذب وبأنه منكر الإمام الدارقطني والجورقاني وأبو الفضل محمد بن ناصر السلامي وابن الجوزي وابن عساكر وابن تيمية والذهبي وابن كثير وابن حجر والسخاوي كما سيأتي كلامهم
أخرجه أبو حفص عمر بن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص489) حدثنا محمد بن الحسن بن زياد مولى الأنصار قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحضرمي بمكة قال: حدثنا أبو غزية محمد بن يحيى الزهري، قال: حدثنا عبد الوهاب بن موسى الزهري - قلت يكنى أبا العباس -، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل إلى الحجون كئيباً حزيناً فأقام به ما شاء ربه عز وجل، ثم رجع مسروراً، فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزلت إلى الحجون كئيباً حزيناً فأقمت به ما شاء الله، ثم رجعت مسروراً قال: سألت ربي عز وجل فأحيا لي أمي فآمنت بي، ثم ردها.
ومن طريق عمر بن شاهين أخرجه الجورقاني في الأباطيل والمناكير (ج1/ص377) أخبرنا عبد الملك بن مكي بن بنجير الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي في كتابه، أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن إسماعيل بن الأخضر، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن شاهين فذكر إسناده إلى آخره
وأخرجه محب الدين الطبري في خلاصة سير سيد البشر (ص21) أخبرنا بذلك الشيخ الإمام الصالح أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي المقير قراءة عليه بالمسجد الحرام وأنا أسمع سنة ست وثلاثين وستمائة قال أخبرنا الشيخ الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي أجازه قال أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرزاق الحافظ الزاهد قال أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمرو بن محمد بن الأخضر (1) حدثنا أبو غزية محمد بن يحى الزهري قال حدثنا عبد الوهاب بن موسى الزهري قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل الحجون كئيبا حزينا فأقام به ما شاء الله عز وجل ثم رجع مسروراً وقال سألت ربي عز وجل فأحيا لي أمي فآمنت بي ثم ردها.
- (1) هنا سقط في الإسناد وكدت أن لا أفطن له وكنت سأعتبر القاضي أبو بكر محمد بن عمرو متابعاً لأحمد بن يحيى الحضرمي! يعني يجب أن يكون الإسناد هكذا "أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمرو بن محمد بن الأخضر حدثنا أبو حفص عمر بن شاهين حدثنا محمد بن الحسن بن زياد مولى الأنصار قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحضرمي بمكة قال: حدثنا أبو غزية محمد بن يحى الزهري" يعني هو من طريق الأول
قال الجورقاني هذا حديث باطل (الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير (ج1/ص377-380)
وقال الذهبي:هذا الحديث كذب مخالف لما صح أنه عليه السلام استأذن ربه في الاستغفار لها - يعني لأمه - فلم يأذن له (ميزان الاعتدال للذهبي ج2/ص684)
وقال ابن كثير حديث منكر جداً (البداية والنهاية ت التركي ج3/ص429)
وقال السخاوي وأما حديث إحياء الله عز وجل لأبويه صلى الله عليه وسلم حتى آمنا به، فليس هو في شيء من الكتب المشهورة، ولا هو صحيح يحتج به (انظر الأجوبة المرضية للسخاوي ج3/ص967)
وسيأتي بقية أقوال العلماء فيما بعد
قلت مدار هذا الحديث على
- محمد بن الحسن بن زياد مولى الأنصار وهو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر بن سند المقرئ النقاش متهم متروك لا يسوى فلساً (انظر تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج2/ص602) ولخص الذهبي الكلام فيه وقال الذي وضُح لي أنّ هذا الرجل مع جلالته ونُبله متروك ليس بثقة (تاريخ الإسلام للذهبي ت بشار ج8/ص36)
- أحمد بن يحيى الحضرمي قال الذهبي عن حرملة التجيبي لينه أبو سعيد ابن يونس (ميزان الاعتدال للذهبي ج1/ص163)
- أبو غزية محمد بن يحيى الزهري متهم بالوضع أي الكذب قال الدارقطني يضع (انظر الضعفاء والمتروكون للدارقطني ج3/ص131) ومرة قال متروك - يعني ضعيف جداً - ومرة قال منكر الحديث (انظر لسان الميزان لا بن حجر ج7/ص573)
ودافع السيوطي عن أبي غزية محمد بن يحيى الزهري فقال في اللآلئ المصنوعة (ج1/ص245) في أبي غزية "قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان بعد ذكره كلام ابن الجوزي أما محمد بن يحيى فليس بمجهول بل هو معروف له ترجمة جيدة في تاريخ مصر لأبي سعيد بن يونس" ثم قال السيوطي فما في رجال الإسنادين من نسب إلى الوضع ومدار الحديث على أبي غزية وهو ضعيف ما رمي بكذب. انتهى بتصرف
قلت كلام ابن حجر ناقص! وفيه رمي الدارقطني أبو غزية بالوضع أي بالكذب حيث قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان ت أبي غدة ج5/ص308) وأما محمد بن يحيى فليس بمجهول بل هو معروف له ترجمة جيدة في تاريخ مصر لأبي سعيد بن يونس ورماه الدارقطني بالوضع. انتهى
فكيف يقول السيوطي ضعيف وما رمي بكذب وهذا الدارقطني رماه بالوضع أي بالكذب ونقله ابن حجر عنه أيضاً!
وأخرجه الخطيب في السابق واللاحق كما عند السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (ج1/ص244) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (ج1/ص283) وأخرجه ابن عساكر في غرائب مالك كما عند ابن حجر في لسان الميزان ت أبي غدة (ج6/ص100) وأيضاً الدارقطني في غرائب مالك كما عند ابن حجر في لسان الميزان ت أبي غدة (ج5/ص479) وعند الصالحي في سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (ج2/ص122) من طريق الحسين بن علي بن محمد الحنفي [وعند ابن عساكر: الحسين بن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي] حدثنا أبو طالب عمر بن الربيع الزاهد حدثنا عمر بن أيوب الكعبي حدثنا محمد بن يحيى الزهري أبو غزية حدثنا عبد الوهاب بن موسى حدثنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن هشام بن عروة يعني عن أبيه عن عائشة قالت: حج بنا رسول الله حجة الوداع فمر بي على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم فبكيت لبكاء رسول الله ثم إنه نزل فقال يا حميراء استمسكي فاستندت إلى جنب البعير فمكث عني طويلا ثم إنه عاد إلي وهو فرح متبسم فقلت له بأبي أنت وأمي يا رسول الله نزلت من عندي وأنت باك حزين مغتم فبكيت لبكائك ثم إنك عدت إلي وأنت فرح مبتسم فمم ذا يا رسول الله قال: ذهبت لقبر أمي فسألت الله أن يحييها لي فأحياها فآمنت بي وردها الله عز وجل.
- أبو طالب عمر بن الربيع هو عمر بن الربيع بن سليمان الخشاب ذكره أبو يعقوب القراب في تاريخه وقال كذاب وضعفه الدارقطني وقال مسلمة بن قاسم الأندلسي تكلم فيه قوم ووثقه آخرون وكان كثير الحديث (انظر ميزان الاعتدال للذهبي ج3/ص196 ولسان الميزان لابن حجر ت أبي غدة ج6/ص100)
- عمر بن أيوب الكعبي متهم تردد الدارقطني فيه كما سيأتي قوله وقال ابن عساكر مجهول وأيضاً سيأتي قوله
- أبو غزية محمد بن يحيى الزهري متهم بالوضع أي الكذب قال الدارقطني يضع (انظر الضعفاء والمتروكون للدارقطني ج3/ص131) ومرة قال متروك - يعني ضعيف جداً - ومرة قال منكر الحديث (انظر لسان الميزان لا بن حجر ج7/ص573)
قال الإمام الدارقطني: الإسناد والمتن باطلان ولا يصح لأبي الزناد عن هشام، عن أبيه، عن عائشة شيء وهذا كذب على مالك والحمل فيه على أبي غزية والمتهم بوضعه هو أو من حدث به عنه - يعني عمر بن أيوب الكعبي - (انظر لسان الميزان لابن حجر ت أبي غدة ج5/ص479)
وقال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع بلا شك والذي وضعه قليل الفهم عديم العلم
ثم قال ابن الجوزي: قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر - هو محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر السلامي البغدادي -: هذا حديث موضوع وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ودفنت هناك وليست بالحجون.
وقال ابن عساكر: هذا حديث منكر من حديث عبد الوهاب بن موسى الزهري المدني عن مالك والكعبي مجهول والحلبي صاحب غرائب ولا يعرف لأبي الزناد رواية عن هشام وهشام لم يدرك عائشة فلعله سقط من كتابي: (عن أبيه). انتهى. قال ابن حجر ولم ينبه على عمر بن الربيع، ولا على محمد بن يحيى وهما أولى أن يلصق بهما هذا الحديث من الكعبي، وغيره وقد تقدم ذلك في عبد الوهاب بن موسى وفيه إثبات قوله: عن أبيه التي ظن أنها سقطت فهو كما ظن (انظر لسان الميزان لابن حجر ت أبي غدة ج6/ص100)
وقال الذهبي: وبسند وضع - يعني كذب - على هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة: أحيا لي أمي، فآمنت بي، ثم ردها (أحاديث مختارة من موضوعات الجورقاني وابن الجوزي للذهبي ص95)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث؛ بل أهل المعرفة متفقون على أن ذلك كذب مختلق وإن كان قد روى في ذلك أبو بكر يعني الخطيب في كتابه السابق واللاحق وذكره أبو القاسم السهيلي في شرح السيرة بإسناد فيه مجاهيل وذكره أبو عبد الله القرطبي في التذكرة وأمثال هذه المواضع فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذبا كما نص عليه أهل العلم وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث؛ لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير وإن كانوا قد يروون الضعيف مع الصحيح لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين فإن مثل هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله فإنه من أعظم الأمور خرقا للعادة (انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية بتحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ج4/ص324)
وقال أبو الخطاب بن دحية - متهم بالكذب -: الحديث في إحياء أبيه وأمه موضوع يرده القرآن والإجماع (تفسير ابن كثير ت السلامة ج4/ص223)
وله شاهد أكذب منه
أخرجه الجورقاني في في الأباطيل والمناكير (ج1/ص375-376) وابن الجوزي في الموضوعات (ج1/ص282) أخبرنا محمد بن الحسن بن محمد الواعظ، أخبرنا أبو الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل الحسني العلوي [وعند ابن الجوزي: أخبرت عن أبي الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل العلوي]، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين بن علي العلوي الحسني، بقراءات عليه بالكوفة، قال: حدثنا زيد بن حاجب، قال: حدثنا محمد بن عمار العطار، قال: حدثنا علي بن محمد بن موسى الغطفاني، قال: حدثنا محمد بن هارون العلوي المصري، حدثني محمد بن علي بن حمزة العباسي، حدثني أبي، حدثني علي بن موسى بن جعفر، حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هبط علي جبرئيل، فقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، ويقول لك: إني حرمت النار على صلب أنزلك منه، وبطن حملك، وحجر كفلك، فقلت: يا جبريل، بين لي؟ فقال: أما الصلب فعبد الله، وأما البطن فآمنة بنت وهب، وأما الحجر فعبد يعني عبد المطلب، وفاطمة بنت أسد.
لم يذكر ابن الجوزي في سنده "علي بن الحسين، عن أبيه"
ثم قال الجورقاني: هذا حديث موضوع باطل، في إسناده من المجهولين غير واحد وسألت الإمام محمد بن الحسن بن محمد عن حال أبي الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل الحسني العلوي؟ قال: كان رافضياً غالياً ومع هذا كان يدعي الإمامة والخلافة بجيلان واجتمع عليه خلق كثير فنعوذ بالله من الشقاوة والخذلان.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع بلا شك
وقال الذهبي: إسناده علويون فيهم يحيى بن الحسين كذاب خرج بجيلان (تلخيص كتاب الموضوعات للذهبي ص85)
وقال السيوطي: موضوع إسناده كما ترى فيه غير واحد من المجهولين وأبو الحسين العلوي رافضي غال (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي ج1/ص244)
وقال الشوكاني: في إسناده مجاهيل وهو موضوع (الفوائد المجموعة للشوكاني ص321)
وأخرج تمام بن محمد الدمشقي الرازي (ج2/ص45) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج66/ص340) أخبرنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة بن أبي الخطاب الليثي، ومحمد بن هارون بن شعيب بن عبد الله، قالا: أنبأ أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي، ثنا أبو سليمان أيوب المكتب، ثنا الوليد بن سلمة، عن عبيد الله [وعند ابن عساكر: عبد الله] بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبو طالب وأخ لي كان في الجاهلية.
إسناده موضوع مكذوب
قال تمام بن محمد الدمشقي الرازي الوليد بن سلمة منكر الحديث قلت قال ابن حبان كان ممن يضع الحديث على الثقات لا يجوز الاحتجاج بحال (المجروحين لابن حبان ت حمدي ج2/ص422)
وقال شعيب بن إسحاق الدمشقي كَذَّابَا هذه الأمة وهب بن وهب والوليد بن سلمة، وقال أبو حاتم الرازي ذاهب الحديث، وسئل عنه أبو زرعة الرازي فقال آه آه أتينا ابنه وكان صدوقاً وكان يحدث بأحاديث مستقيمة فلما أخذ في أحاديث أبيه جاء يعني بالأوابد (الجرح والتعديل لابن أبي جاتم ج9/ص6-7) يقصد أبو زرعة أن ابنه واسمه إبراهيم بن الوليد صدوق لكن لما حدث عن أبيه الوليد بن سلمة جاء بالأوابد أي أن أبيه الوليد بن سلمة يأتي بالأوابد
وقال الدارقطني متروك الحديث ومرة ذاهب الحديث (انظر علل الدارقطني ج1/ص213)
وقال ابن عدي بعد أن أسرد له عدة أحاديث: هذه الأحاديث للوليد مع ما لم أذكر من حديثه عامتها غير محفوظة (الكامل في ضعفاء الرجال ط العلمية ج8/ص358-360)
هذا والله أعلم