قال سعيد بن جبير مات رجل نصراني أو يهودي وله ابن مسلم فَذُكِرَ لابن عباس فقال ابن عباس: وما عليه لو غسله واتبعه واستغفر له ما كان حياً، يقول: دعا له ما كان الأب حياً ثم قرأ ابن عباس هذه الآية {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} قال: لما مات على كفره تبين له أنه عدو لله فتبرأ منه.
حكم الأثر: صحيح ثابت
أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل الثانية (ج6/ص150) كلهم عن سفيان بن عيينة، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير قال: توفي أبو رجل وكان يهودياً [وعند الضياء: أن رجلاً مات نصرانياً، وعند سعيد بن منصور: إن أبي مات نصرانياً]، فلم يتبعه ابنه، فذكر ذلك لابن عباس، فقال ابن عباس: وما عليه لو غسله، واتبعه، واستغفر له ما كان حياً، يقول: دعا له ما كان الأب حياً، قال: ثم قرأ ابن عباس: {فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} [وعند الضياء: وتلا {وما كان استغفار إبراهيم}، وعند سعيد بن منصور: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه}] يقول: لما مات على كفره [وعند سعيد بن منصور: لما مات على كفره تبين له أنه عدو لله فتبرأ منه].
وسياق سعيد بن منصور في بداية الحديث "عن سعيد بن جبير، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إن أبي مات نصرانياً، فقال له: اغسله وكفنه وحنطه، ثم ادفنه...إلخ" وهذا وهم والصواب ما أخرجه أبو بكر الخلال في أحكام أهل الملل (ص220) أخبرني حرب - هو ابن إسماعيل الكرماني -، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس عن رجل مات أبوه نصرانياً؟ قال: يشهده ويدفنه.
وقد توبع سفيان بن عيينة
1- تابعه سفيان الثوري
أخرجه الطبري في تفسيره ت شاكر (ج14/ص516) حدثنا سليمان بن عمر الرقي، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن الشيباني، عن سعيد بن جبير قال: مات رجل يهودي وله ابن مسلم، فلم يخرج معه، فذكر ذلك لابن عباس فقال: كان ينبغي له أن يمشي معه ويدفنه، ويدعو له بالصلاح ما دام حياً فإذا مات وكله إلى شانه! ثم قال: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه}، لم يدع.
كذا قال "رجل يهودي" وسليمان بن عمر الرقي هو أبو أيوب سليمان بن عمر بن خالد الأقطع حدث عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل وهو لا يحدث إلا عن ثقة بشكل عام وحدث عنه الحفاظ كالطبري وأبي عروبة الحراني وأبي يعلى الموصلي وابن أبي الدنيا وأبي القاسم البغوي وابن أبي عاصم وأبي حامد محمد بن هارون الحضرمي البعراني وغيرهم
2- وتابعه محمد بن الفضيل الضبي ثقة
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج7/ص149) والطبري في تفسيره ت شاكر (ج14/ص516) عن سفيان بن وكيع كلاهما عن ابن فضيل عن ضرار بن مرة عن سعيد بن جبير قال: مات رجل نصراني فوكله ابنه إلى أهل دينه، فذكر ذلك لابن عباس فقال: ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له ما كان حياً، ثم تلا: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} الآية.
3- وتابعه إسماعيل بن زكريا الخُلْقَانِيُّ صدوق
أخرجه سعيد بن منصور في سننه ت الحميد (ج5/ص280) نا إسماعيل بن زكريا، عن أبي سنان ضرار بن مرة، عن سعيد بن جبير، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال له: إن أبي مات نصرانيا، فقال له: اغسله وكفنه وحنطه، ثم ادفنه، ثم قرأ هذه الآية: {ما كان للنبي والذين آمنوا} إلى آخر الآية.
وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج7/ص149) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن ضرار بن مرة عن سعيد بن جبير قال: مات رجل نصراني وله ابن مسلم فلم يتبعه فقال ابن عباس: كان ينبغي له أن يتبعه ويدفنه ويستغفر له في حياته.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط ط طيبة (ج5/ص342) حدثنا يحيى بن محمد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل عن ضرار بن مرة أبي سنان، عن سعيد بن جبير، قال: كان عندنا رجل كان له أب يهودي، أو نصراني فمات فلم يتبعه فسألت ابن عباس فقال: يقوم عليه ويتبعه ويدفنه.
- يحيى بن محمد هو أبو زكريا يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس النيسابوري الذهلي يلقب حيكان
- أحمد بن يونس مشهور ينسب إلى جده وهو أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي
هذا والله أعلم