قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الوجع لا يكتب به الأجر، إنما الأجر في العمل، ولكن يكفر الله به الخطايا.
أولاً سأخرج طرقه ثم أشرحه
حكم الأثر: صحيح
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج6/ص434) وهناد بن السري في الزهد (ج1/ص242) كلاهما عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة عن أبي عمار، عن عمرو بن شرحبيل، قال: قال عبد الله: إن الوجع لا يكتب به الأجر [زاد هناد: في العمل]، ولكن يكفر به الخطايا.
أخطأ أبو معاوية في "أبي عمار" إنما هو "أبي معمر"، وقد توبع أبو معاوية أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج9/ص188) والبيهقي في شعب الإيمان ط الرشد (ج12/ص273-274) من طريق محمد بن كثير العبدي والطحاوي في شرح مشكل الآثار (ج5/ص465) من طريق يعقوب بن إسحاق الحضرمي كلاهما عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله، قال: إن الوجع لا يكتب به الأجر، إنما الأجر في العمل، ولكن يكفر الله به الخطايا.
- أبو معمر هو عبد الله بن سخبرة الأزدي
ابن عبد البر في التمهيد ت بشار (ج14/ص392) حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا محمد بن عبد السلام، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن عبد الله بن مسعود قال: إن الوجع لا يكتب به الأجر. - وكان إذا حدثنا شيئاً لم نسأله حتى يفسره لنا قال: فكبر ذلك علينا - فقال: ولكن تكفر به الخطيئة.
- عبد الوارث بن سفيان هو عبد الوارث بن سفيان بن جبرون القرطبي يعرف بالحبيب قال أبو عمر بن الحذاء كان شيخاً صالحاً عفيفاً يتعيش من ضيعة ورثها عن أبيه رحمه الله (الصلة لابن بشكوال ص364)
- محمد بن عبد السلام هو أبو عبد الله الخشني ثقة قال ابن الفرضي كان الغالب عليه حفظ اللغة ورواية الحديث وكان ثقة في ذلك مأموناً (انظر علماء الأندلس لابن الفرضي ج2/ص16)
- محمد بن جعفر هو غندر وقد توبع أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (ج5/ص464) حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا شعبة، عن جامع يعني ابن شداد، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر قال: قال عبد الله: إن الوجع لا يكتب أجراً، فكان ذلك أشد أو أشق علينا، وكان إذا حدثنا حديثاً لم نسأله عن تفسيره حتى يبينه، قال - يعني ابن مسعود -: ولكن الله يكفر به الخطايا.
قال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ سألت أحمد بن حنبل عن حديث عمارة، حديث أبي معمر: "إن الوجع لا يكتب به الأجر، ولكن يكفر به الخطايا"؟ قال: رواه شعبة، عن جامع بن شداد، عن عمارة، عن أبي معمر، عن أبي ميسرة وهو عمرو بن شرحبيل، والحديث صحيح حديث أبي معمر، ثم قال: جامع بن شداد ثبت ثبت ثبت (مسائل الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل رواية ابن هانئ ص498)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (ص28) من طريق عبد الله بن المبارك المروزي والطبراني في المعجم الكبير (ج9/ص93) والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (ج2/ص111) من طريق عاصم بن علي كلاهما عن المسعودي، عن جامع بن شداد، عن تميم بن سلمة، قال: قال أبو معمر الأزدي: كنا إذا سمعنا من ابن مسعود، شيئاً نكرهه سكتنا حتى يفسره لنا، فقال لنا ذات يوم: ألا إن السقم لا يكتب له [ولفظ عاصم: لا يكتب لصاحبه أجر] أجر فساءنا ذلك وكبر علينا، قال: ولكن يكفر به الخطايا، قال: فسرنا ذلك وأعجبنا.
قلت "تميم بن سلمة" خطأ والصواب "عمارة بن عمير"
وأما الشرح
قلت أخطأ ابن مسعود رضي الله عنه في هذا وذلك أنه لم يبلغه غير هذا فقد روى ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها. أخرجه مسلم والبخاري في صحيحيهما
فكان في هذا فقط "إلا حط الله سيئاته" لكن ورد عن عائشة زيادة علم
قالت عمرة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة، أو حطت عنه بها خطيئة. أخرجه مسلم ط التركية (ج8/ص15)
وقال منصور والأعمش كلاهما، عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة عن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة. أخرجه مسلم ط التركية (ج8/ص14-15)
وقال يحيى بن أبي كثير: أخبرني أبو قلابة، أن عبد الرحمن بن شيبة أخبره: أن عائشة أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه، فقالت عائشة: لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه؟ فقال النبي: إن الصالحين يشدد عليهم، وإنه لا يصيب مؤمناً نكبة من شوكة فما فوق ذلك، إلا حطت به عنه خطيئة، ورفع بها درجة.
وقال أبو وائل شقيق بن سلمة الكوفي عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها، إلا رفعه الله عز وجل بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة.
وقال عبد الحميد بن جعفر: أخبرني أبي، عن حمزة بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة أنها سمعت رسول الله يقول: ما يصيب المؤمن شيء، إلا كان له به أجر، أو كفارة حتى النكبة والشوكة.
وقد حاول البعض التوفيق بين الاثنين قلت ولكن الشرح لا يقنع، أراه مرجوحاً
هذا والله أعلم