قال الصحابي معاذ بن جبل: سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب، فيتهافت، يقرءونه لا يجدون له شهوة ولا لذة، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أعمالهم طمع لا يخالطه خوف، إن قصروا، قالوا: سنبلغ، وإن أساءوا، قالوا: سيغفر لنا، إنا لا نشرك بالله شيئاً.
حكم الأثر: موقوف ضعيف جداً لا يصح عن معاذ، وقد روي مرفوعاً عن معقل بن يسار المزني وهو باطل كما سيأتي وقد روي بنحوه من قول أبي العالية ولا يصح (انظر تخريج قول أبي العالية في هذه المقالة)
أخرجه الدارمي في مسنده ت حسين أسد (ج4/ص2107) وت الزهراني (ج2/ص1064) وت عماد الطيار (الحديث برقم 3373) أخبرنا محمد بن المبارك، حدثنا صدقة بن خالد، عن ابن جابر، حدثنا شيخ يكنى أبا عمر [وفي ت الزهراني: أبا عمرو]، عن معاذ بن جبل، قال: فذكره.
قال حسين أسد وعماد الطيار إسناده صحيح قلت وكلاهما مخطئان وأما الزهراني فقال فيه أبو عمرو لم أعرفه ولعله يحيى بن أبي عمرو السيباني قلت إسناده ضعيف فيه "أبا عمر" وفي نسخة "أبا عمرو" بزيادة الواو وهو مجهول العين وقال ابن عساكر أبو عمر شيخ حدث ببيروت حدث عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء كما ظن الذي روى عنه وهو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر (تاريخ دمشق لابن عساكر ج67/ص96) وأما روايته عن أبي الدرداء فقد أخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج67/ص23) وأبو طاهر السلفي في الرابع والعشرين من المشيخة البغدادية (ص83) من طريق أبي بكر أحمد بن سليمان بن زبان الكندي ثنا هشام بن عمار نا صدقة بن خالد نا ابن جابر قال سمعت شيخاً ببيروت يكنى أبا عامر أظنه حدثني عن أبي الدرداء أن رجلاً يقال له حرملة فذكر حديثاً
- ابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر
وأما حديث معقل بن يسار المزني
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (ج2/ص767) ومن طريقه أبو نعيم في حلية الأولياء (ج6/ص59) من طريق أبي عمران محمد بن جعفر الوركاني وأخرجه البغوي في معجم الصحابة (ج4/ص305) من طريق أبي صالح عبد الغفار بن داود الحراني كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن أبان بن أبي عياش قال: حدثني أبو الجلد، عن معقل بن يسار المزني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تذهب الليالي والأيام حتى يخلق القرآن في صدور أقوام من هذه الأمة كما تخلق الثياب، ويكون غيره أعجب إليهم، ويكون أمرهم طمعا كله لا يخالطه خوف إن قصر عن حق الله منته نفسه الأماني، وإن تجاوز إلى ما نهى الله قال أرجو أن يتجاوز الله عني، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أفاضلهم في أنفسهم المداهن قيل ومن المداهن؟ قال: الذي لا يأمر ولا ينهى [زاد أبو نعيم: عن المنكر].
وهذا إسناد باطل فيه أبان بن أبي عياش ساقط قال الإمام شعبة لأن ارتكب سبعين كبيرة أحب إلي من أن أحدث عن أبان بن أبي عياش (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج1/ص134)
وقد خولف أبان بن أبي عياش خالفه عوف الأعرابي فرواه موقوفاً على أبي الجلد من قوله
أخرجه الدولابي في الكنى والأسماء (ج1/ص433) حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال ثنا الحسن بن عطية، قال أنبأ أبو شهاب، عن عوف الأعرابي، عن جيلان أبي الجلد قال: لا يذهب الليل والنهار حتى يخلق هذا القرآن في قلوب الرجال كمثل الثوب البالي الذي يتهافت لا يجدون حلاوة له ولا لذاذة، إن ترك أحدهم بعض ما أمر به قال: إن الله غفور رحيم، وإن ركب بعض ما نهي عنه قال: إنه سيغفر لي إني لا أشرك، كل أمرهم إلى الطمع ليس معهم من الخوف شيء خيرهم في أنفسهم المداهن.
وهذا إسناد حسن وهو الصواب وأبو الجلد جيلان هو جيلان بن أبي فروة البصري من التابعين وهنا لم يرفعه إلى النبي فتأمل
- الحسن بن علي بن عفان هو أبو محمد العامري الكوفي قال ابن أبي حاتم الرازي كتبنا عنه وهو صدوق (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص22) وقال الدارقطني ثقة (سؤالات الحاكم للدارقطني ص108) وقال مسلمة بن قاسم الأندلسي كوفي ثقة (التراجم الساقطة من كتاب إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي ج1/ص98)
- الحسن بن عطية هو الحسن بن عطية بن نجيح القرشي الكوفي قال أبو حاتم الرازي صدوق وروى عنه أبو زرعة الرازي وهو بشكل لا عام لا يروي إلا عن صدوق (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص27)
- أبو شهاب هو عبد ربه بن نافع الحناط ثقة
- عوف الأعرابي هو عوف بن أبي جميلة ثقة
وبنحوه موقوفاً على أبي الجلد من قوله أخرجه ابن أبي الدنيا في العقوبات (ص170) ومن طريقه أبو نعيم في حلية الأولياء (ج6/ص58) حدثنا العباس بن يزيد، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن موسى بن جميل، عن أبي روح، عن أبي الجلد، قال: أعوذ بالله من زمان يأمل فيه الكبير، ويمرد فيه الصغير، فلا يعتق فيه المحررون، في ذلك الزمان أقوام يرجون ولا يخافون، فلا يستجاب لهم، في ذلك الزمان أقوام قلوبهم قلوب الذئاب لا يتراحمون.
- أبي هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي
- أبو روح مجهول
وروي من حديث ابن عباس
أخرجه الديلمي كما في الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس لابن حجر (ج8/ص320-321) أخبرنا أبو منصور ابن مندويه عن أبي نعيم أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا إبراهيم بن أسباط الزيات حدثنا أبو إبراهيم الأعرج حدثنا منصور بن الحسن حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رفعه يأتي على الناس زمان يخلق القرآن في قلوبهم، يتهافتون تهافتا، قيل يا رسول الله: وما تهافتهم؟ قال: يقرأ أحدهم فلا يجد حلاوة ولا لذة، يبدأ أحدهم بالسورة، وإنما بغيته آخرها، فإن عملوا ما نهو عنه قالوا: ربنا اغفر لنا، وإن تركوا الفرائض قالوا: لا تعذبنا ونحن لا نشرك بك شيئاً، أمرهم رجاء، ولا خوف فيهم {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}.
هذا إسناد باطل منكر
- أبو إبراهيم الأعرج هو إسماعيل بن عبد الرحمن مجهول ويروي عن الضعفاء
- منصور بن الحسن مجهول لا يعرف البتة
- إبراهيم بن أسباط الزيات هو أبو إسحاق إبراهيم بن أسباط بن السكن أبو إسحاق البزاز الكوفي قال الدارقطني ثقة (انظر سؤالات حمزة السهمي للدارقطني ص166 وتاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج6/ص544)
شاهد معضل للطمع
أخرجه أبو العباس الأصم كما في مجموع مصنفاته (ص87) أخبرنا العباس أخبرني أبي حدثني عبد الله بن شوذب حدثني خالد بن ميمون حديثاً يرفعه قال سيأتي على الناس زمان أمرهم كله طمع لا يخالطه خوف.
هذا مرسل معضل
- العباس هو أبو الفضل العباس بن الوليد بن مزيد العذري البيروتي
- خالد بن ميمون هو الخراساني قال أبو حاتم الرازي ما أرى بحديثه بأساً لا بأس به (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص352)
هذا والله أعلم