قالت أم سلمة رضي الله عنها: سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
سأخرجه ثم أتكلم في إسناده
1) عمار بن أبي عمار الهاشمي عن أم سلمة
أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ط الرسالة (ج2/ص776) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق ط الفكر (ج14/ص239) من طريق أبي محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قراءة أنا أبو بكر بن مالك نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا عبد الرحمن بن مهدي قال نا حماد بن سلمة، عن عمار قال: سمعت أم سلمة قالت: سمعت الجن يبكين على حسين قال: وقالت أم سلمة سمعت الجن تنوح على الحسين رضي الله عنه.
هذا خطأ في النسخة فقد تكرر النص مرتين والسماع بين عمار وأم سلمة خطأ أيضاً ولعله بسبب التكرار وقد أخرجه على الصواب أبو طاهر السلفي في المشيخة البغدادية (ج11/ص11) من طريق أبي بكر بن مالك، نا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا حماد بن سلمة، عن عمار يعني ابن أبي عمار، قال: قالت أم سلمة: سمعت الجن تنوح على الحسين رضي الله عنه.
هذا هو الصواب
أبو العرب الإفريقي في المحن ت العقيلي (ص158) حدثني يحيى بن محمد بن يحيى عن أبيه عن جده (1) عن عمار مولى بني هاشم قال سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول سمعت الجن تنوح على الحسين.
- (1) هنا انقطاع في السند، جده وهو يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التميمي البصري كان بإفريقية صاحب التفسير صدوق له أوهام ولا أدري أسقط حماد بن سلمة بينه وبين عمار من السند أم نسي يحيى بن سلام فرواه مرسلاً عن عمار، لأن الحديث معروف بحماد بن سلمة
- يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التميمي البصري
- أبيه هو محمد بن يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التميمي البصري
وقد توبع عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سلام تابعهما عشرة رواة
ابن سعد في الطبقات الكبرى ط الخانجي (ج6/ص454) أخبرنا عفان بن مسلم ويحيى بن عباد وكثير بن هشام ومسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل، قالوا: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عمار بن أبي عمار، عن أم سلمة قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين. ابن العديم في بغية الطلب ت زكار (ج6/ص2652) وابن عساكر في تاريخ دمشق ط الفكر (ج14/ص240) كلاهما من طريق القاضي أبي العلاء محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب الواسطي الواسطي، عن أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان - هو الغلابي - قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عفاف بن مسلم قال: حدثنا حماد ابن سلمة قال: حدثنا عمار بن أبي عمار عن أم سلمة قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين.
الطبراني في المعجم الكبير ط ابن تيمية (ج3/ص122) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ط الراية (ص308) من طريق هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أم سلمة، قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين [زاد ابن أبي عاصم: ابن علي] رضي الله عنه.
- هدبة بن خالد هو أبو خالد القيسي البصري
الطبراني في المعجم الكبير ط ابن تيمية (ج3/ص121) حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي رضي الله عنه.
- علي بن عبد العزيز هو أبو الحسن البغوي
ابن أبي الدنيا كما في آكام المرجان الشبلي ط مكتبة القرآن (ص202) قال عباس الدوري حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أم سلمة قالت ناحت الجن على الحسين بن علي رضي الله عنهما.
- يونس بن محمد هو أبو محمد المؤدب
أحمد بن منيع كما في المطالب العالية لابن حجر (ج16/ص190) حدثنا أبو نصر، ثنا حماد عن عمار، قال: إن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين رضي الله عنه.
- أبو نصر هو عبد الملك بن عبد العزيز القشيري التمار الدقيقي
عبد بن حميد كما في المطالب العالية لابن حجر (ج16/ص190) حدثنا الحسن ابن موسى، ثنا حماد، به.
- الحسن بن موسى هو الأشيب
أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم الإفريقي في المحن ت العقيلي (ص158) حدثني عمر بن يوسف قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا الحجاج ابن نصير عن سلمة بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أم سلمة أنها سمعت الجن تنوح على الحسين.
- الحجاج بن نصير ضعيف وأخطأ فيه فهو "حماد بن سلمة" ولعل الخطأ من النساخ أيضاً
- عمر بن يوسف هو أبو حفص عمر بن يوسف بن عمروس بن عيسى الإشبيلي قال أبو العرب كان رجلاً صالحاً ثقة ثبتاً ضابطاً لكتبه (تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ط الخانجي ج1/ص365)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ط الراية (ص308) والطبراني في المعجم الكبير ط ابن تيمية (ج3/ص122) كلاهما من طريق إبراهيم بن حجاج، نا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ميمونة، قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين رضي الله عنه
أخطأ إبراهيم بن الحجاج وإنما هي أم سلمة لا ميمونة
الخلاصة أقول مدار الأثر على
- حماد بن سلمة له أوهام في عمار بن أبي عمار قال ابن أبي حاتم الرازي سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، في قوله: {وشاهد ومشهود} قال: والمشهود: يوم القيامة. ورواه ابن علية ، عن يونس بن عبيد، عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة، في قوله تعالى …؟ قال أبي: يونس أحفظهم (العلل لابن أبي حاتم ت الحميد ج4/ص628)
وقال أحمد بن حنبل حكوا عن شعبة، قال: أفادني حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار فسألته فجعل يشك يعني في الأحاديث، قال أبي: قد سمع منه شعبة حديثًا واحدًا
وبعضهم قال هو حسن الحديث في عمار، قال يعقوب بن شيبة: حماد بن سلمة ثقة في حديثه اضطراب شديد إلا عن شيوخ فإنه حسن الحديث عنهم متقن لحديثهم مقدم على غيره فيهم منهم ثابت البناني، وعمار بن أبي عمار. قلت ويعقوب بن شيبة أخذه من علي بن المديني حيث نقل عنه فقال قال علي بن المديني: حديث حماد إذا كتبته على الوجه جاء فيه كل شيء: أبو حمزة، وأبان، فإذا انتقيت كتبت عمار بن أبي عمار، وأبي حمزة، وثابت (شرح علل الترمذي لابن رجب ج2/ص781، وملخص من مسند يعقوب بن شيبة لأحمد بن أبي بكر الطبراني الكاملي ط ابن الجوزي 85)
- عمار بن أبي عمار الهاشمي لا أعرف له رواية له عن أم سلمة غير هذه فلا أدري أسمعها أم لا والسماع في بعض الروايات من صدوقين في حفظهم كلام فالثقات تتابعوا على العنعنة بين عمار وأم سلمة، وهو ثقة لكن له أوهام وبعضهم أنكر الوهم قلت بل وهم وتكلم فيه شعبة قال البخاري قال عمار بن أبي عمار عن بن عباس توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين ولا يتابع عليه وكان شعبة يتكلم في عمار (التاريخ الأوسط للبخاري ط الوعي ج1/ص29) قلت وذلك أن عكرمة وعمرو بن دينار وأبا جمرة الضبعي جميعهم عن ابن عباس توفي النبي وهو ابن ثلاث وستين
- علّة أخرى ولكن فيها نظر، قال الواقدي لم تدرك أم سلمة قتل الحسين ماتت سنة ثمان وخمسين. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي سنة تسع وخمسين فيها توفيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ويقال توفيت سنة إحدى وستين. قلت يعني إذا كان هكذا فالحسين توفي رحمه الله بعد هذه السنة لكن هذا فيه نظر، قال يعقوب بن إبراهيم بن سعد القرشي الزهري ماتت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم سنة إحدى وستين حين جاء نعي الحسين. قال ابن عساكر وهذا هو الصحيح (تاريخ دمشق لابن عساكر ط الفكر ج3/ص211) ومما يؤيده ما قال عبد الحميد بن بهرام: حدثني شهر بن حوشب، قال: سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء نعي الحسين بن علي لعنت أهل العراق فقالت: قتلوه قتلهم الله غروه وذلوه، لعنهم الله. انتهى وقال عمران بن زيد التغلبي -في حفظه كلام-، عن زبيد الإيامي، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة أنها قالت للجارية: اخرجي فخبريني قال مرة: فتخبريني، فرجعت الجارية فقالت: قتل الحسين، فشهقت شهقة غشي عليها، ثم أفاقت فاسترجعت فقالت: قتلوه قتلهم الله، قتلوه أخزاهم الله (مسند الإمام احمد ط الرسالة ج44/ص173 ومجموع فيه مصنفات أبي العباس الأصم وإسماعيل الصفار ص215 وتاريخ دمشق لابن عساكر ط الفكر ج14/ص140)
- علة أخرى فيها نظر أيضاً وهو أن الجن لم تبكي على النبي ولا الصحابة فكيف تبكي على الحسين رحمه الله فأقول كلا، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: اهتز العرش لموت سعد بن معاذ. أخرجه البخاري في صحيحه ط السلطانية (ج5/ص35) ومسلم في صحيحه ط التركية (ج7/ص150) ولم يصح أن النبي أو أحداً من الصحابة الذين هم خيرمن سعد بن معاذ اهتز له عرش الرحمن
قلت والخلاصة الله أعلم بصحة هذا الأثر
2) حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة
ابن أبي الدنيا في هواتف الجنان ت الزغلي (ص110) وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ط ابن تيمية (الأثر برقم 2869) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق ط الفكر (ج14/ص240-241) من طريق القاسم بن عباد الخطابي كلاهما عن سويد بن سعيد، حدثنا عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت (1)، عن أم سلمة قالت: ما سمعت نوح الجن على أحد منذ قبض النبي صلى الله عليه وسلم حتى قبض الحسين فسمعت جنية تنوح [ولفظ القاسم بن عباد: ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي صلى الله عليه وسلم إلا الليلة، وما أرى ابني إلا قد قتل -تعني الحسين رضي الله عنه- فقالت لجاريتها: اخرجي فسلي فأخبرت أنه قد قتل، وإذا جنية تنوح]:
ألا يا عين فاحتفلي بجهد ... ومن يبكي على الشهداء بعدي
على رهط تقودهم المنايا ... إلى متجبر [وعند الطبراني: متحير] في الملك عبد
إسناده ليس بشيء
- (1) في الشاملة سقط "حبيب بن أبي ثابت" من إسناد الطبراني وهو في المطبوع ثابت وأيضاً هو عند ابن عساكر ثابت
- سويد بن سعيد ضعيف وقد توبع لكن متابعة لا يفرح بها أخرجها الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (ج1/ص257) أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حدثني جدي، حدثنا الحسن بن ظريف بن ناصح، نا أبي، عن عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: قالت أم سلمة لخادمها: لا أرى ابني إلا قد قتل، تعني الحسين بن علي، ما سمعت نوح الجن مذ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا البارحة، وفيهن جنية تقول:
ألا يا عين فاحتفلي بجمر ... ومن يبكي على الشهداء بعدي
على رهط تقودهم المنايا ... إلى متجبر في ملك عبد
إسناده مظلم إلى عمرو بن ثابت
- الحسن بن أبي بكر هو أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان البزاز ثقة
- عمرو بن ثابت ليس بشيء وقد خولف
أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة ط الوطن (ج2/ص668) حدثنا أبو حامد بن جبلة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، حدثني أبو بكر بن خلف، ثنا محمد بن الحجاج، عن معروف بن واصل، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت الجن، تنوح على الحسين، وهي تقول:
مسح الرسول جبينه ... فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريش ... جده خير الجدود
إسناده موضوع والأبيات تختلف وهكذا ليس فيه أم سلمة، وقال السيوطي أخرج أبو نعيم عن حبيب بن أبي ثابت قال سمعت الجن تنوح على الحسين فذكره (الخصائص الكبرى ج2/ص215)
- محمد بن الحجاج ليس في هذه الطبقة سوى الواسطي اللخمي يروي عن الكوفيين كذاب ومعروف كوفي وآخر هو الدمشقي وهذا استبعده لأنه دمشقي فإن لم يكن أحدهما فهو مجهول لا يُعرف
- أبو بكر بن خلف هو محمد بن خلف الحدادي ثقة (انظر الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم ت الأزهري ج1/ص392)
3) أم هاشم عن أم سلمة
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ط الفكر (ج14/ص240) وابن العديم في بغية الطلب ت زكار (ج6/ص2650) كلاهما من طريق أبي السعود أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن المجلي عن أبي منصور عبد المحسن بن محمد بن علي بن أحمد البغدادي التاجر الشيحي ابن شهدانكة أنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن محمد الدهان نا أبو جعفر أحمد بن الحسن البردعي نا أبو هريرة أحمد بن عبد الله بن أبي العصام العدوي نا إبراهيم بن يحيى بن يعقوب أبو الطاهر البزار نا ابن لقمان نا الحسين بن إدريس نا هاشم بن هاشم [وعند ابن العديم: "هاشم" فقط] عن أمه عن أم سلمة قالت سمعت الجن تنوح على الحسين يوم قتل وهن يقلن:
أيها القاتلون ظلماً حسيناً ... أبشروا بالعذاب والتنكيل
كل أهل السماء يدعو عليكم ... من نبي ومرسل وقتيل
قد لعنتم على لسان ابن داود ... وموسى وصاحب الإنجيل
باطل وهذا إسناد مظلم مسلسل بالمجهولين
قال ابن بطة: وحدثنا أبو ذر الباغندي، حدثنا حماد بن الحسين الوراق، قال: سمعت علي بن أخي شعيب بن حرب يقول: ناحت الجن على الحسين بن علي فقالت جنية:
جاءت نساء الحي يبكين شجيات ... ويلطمن خدودا كالدنانير نقيات
ويلبسن ثياب السود بعد االقصبيات ...
إسناده ضعيف جداُ مرسل معضل
- أبو ذر الباغندي أبو ذر أحمد بن محمد بن أبي بكر محمد بن سليمان بن الحارث الواسطي ثقة قال عنه الدراقطني ما علمت الا خيراً وقال عنه أبو الفضل جعفر بن الفضل الوزير ثقة وقال الخطيب سمعت أبا الفتح محمد بن بي الفوارس الحافظ وذكر محمد بن سليمان الباغندي وابنه أبو بكر وابنه أبو ذر فقال أوثقهم أبو ذر (سؤالات حمزة السهمي للدارقطني ص22 وص141 وتاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج6/ص257)
- حماد بن الحسين الوراق قلت "الحسين" تصحيف صوابه "الحسن" دون الياء
- علي بن أخي شعيب بن حرب مجهول وهو علي بن يحيى ابن أخي شعيب بن حرب قلت وفاته نقدّره بين 230 و260 هجري وشعيب بن حرب هو أبو صالح المدائني العابد
هذا والله أعلم