قلتُ: حديث الجارية هو حديث عندما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله فقالت في السماء. أخرجه مسلم في صحيحه
وقد خرجت جميع طريقه في مقالة منفصلة عن هذه بعنوان (الرد على من قال حديث الجارية مضطرب وبيان صحته والروايات في ذلك!)
قال حسن السقاف قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (4/412): [وَفِي اللَّفْظِ مُخَالَفَةٌ كَثِيرَةٌ] والحديث المضطرب هو الذي يروى بعدة ألفاظ متخالفة! أي فيها مخالفة واختلاف! وقد اعترف الحافظ ابن حجر بأن في لفظ هذا الحديث (مخالفة كثيرة)!. انتهى
قلتُ: هذا بهتان في حق ابن حجر وليس بصحيح، بل صححه الحافظ ابن حجر، قال ابن حجر "وهو حديث صحيح أخرجه مسلم" وهذه صورة من فتح الباري
(انظر فتح الباري لابن حجر ط الرسالة ت الأرنؤوط (ج24/ص232) وأيضاً فتح الباري ط السلفية (ج13/ص359)
فهل وقف السقاف على كلام ابن حجر هذا؟
والآن لنأتي إلى ما قال السقاف من أن الحافظ ابن حجر قال في تلخيص الحبير "وفي اللفظ مخالفة كثيرة" وعلى أساسه يقول الحافظ ابن حجر عدّه اضطرباً ولكي تعرفوا الحق من الباطل وكيف أوهم وبتر ودلس على الأمة وهو افتراء في حق ابن حجر لأن ابن حجر كان يقارن بين إسناد اختلف فيه ولا علاقة لها بإسناد مسلم
سأسرد ثم أضع النتيجة في الأخير لكي لا تتشتت
تلخيص الحبير لابن حجر اسمه الكامل التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير
ماذا يقصد بقوله الرافعي الكبير؟ هو كتاب الشرح الكبير للرافعي ويسمونه العزيز شرح الوجيز وهذا قد طبع ونشرته دار الكتب العلمية فلو عدت إلى (ج9/ص297) من هذا الشرح الكبير ستجد أن الرافعي فيه قال "روي أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جارية أعجمية أو خرساء، فقال: يا رسول الله، علي عتق رقبة، فهل يجزئ عني هذه؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أين الله؟ فأشارت إلى السماء، ثم قال لها: من أنا، فأشارت إليه أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أعتقها؛ فإنها مؤمنة".
قلت تذكر هذا لفظ المصنف أي الرافعي فيه "أين الله" لأننا سنعود إليه
هنا ابن حجر يخرج أحاديث هذا الكتاب فوصل إلى هذا الحديث في تلخيص الحبير ط العلمية (ج3/ص479) فقال ابن حجر قوله -يعني قول الرافعي- "روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أعجمية أو خرساء...إلخ، مالك في الموطأ من حديث معاوية بن الحكم وأكثر الرواة عن مالك يقولون عمر بن الحكم وهو من أوهام مالك في اسمه قال أتيت رسول الله فقلت إن جارية لي كانت ترعى لي غنما فجئتها وقد أكل الذئب منها شاة فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها فقال لها رسول الله "أين الله" قالت في السماء قال "من أنا" قالت أنت رسول الله قال "فاعتقها".
ثم قال ابن حجر: وروى أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الله عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة له سوداء فقال يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها فقال لها "أتشهدين أن لا إله إلا الله" قالت نعم قال "أتشهدين أني رسول الله" قالت نعم قال "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فاعتقها"، وهذه الرواية تدل على استحباب امتحان الكافر عند إسلامه بالإقرار بالبعث كما قال الشافعي.
ثم قال ابن حجر: ورواه أبو داود من حديث عون بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة فقال لها "أين الله" فأشارت إلى السماء بإصبعها فقال لها "فمن أنا" فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء يعني أنت رسول الله فقال "اعتقها فإنها مؤمنة".
قلتُ أبو داود رواه من طريق المسعودي عن عون (سنن أبي داود ت الأرنؤوط ج5/ص177)
ثم قال ابن حجر: ورواه الحاكم في المستدرك من حديث عون بن عبد الله بن عتبة حدثني أبي عن جدي فذكره، وفي اللفظ مخالفة كثيرة وسياق أبي داود أقرب إلى ما ذكره المصنف -قلتُ يعني بالمصنف الرافعي- إلا أنه ليس في شيء من طرقه أنها خرساء.
انتهى كلام ابن حجر بتصرف
قلتُ: أخفى كلام ابن حجر "وسياق أبي داود أقرب إلى ما ذكره المصنف" يعني أن ابن حجر كان يقارن بين رواية الحاكم وأبي داود وأيهما أقرب إلى لفظ المصنف الرافعي ولفظ الرافعي "أين الله" فهل تعرفون لفظ الحاكم حتى تعرفون لماذا قال ابن حجر "وفي اللفظ مخالفة كثيرة وسياق أبي داود أقرب إلى ما ذكره المصنف -قلت يعني بالمصنف الرافعي-"؟
فأقول أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ط العلمية (ج3/ص289) من طريق أبي معدان المنقري يعني عامر بن مسعود، ثنا عون بن عبد الله بن عتبة، حدثني أبي، عن جدي، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة سوداء، فقالت: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، أفتجزئ عني هذه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ربك؟» قالت: ربي الله، قال: «فما دينك؟» قالت: الإسلام، قال: «فمن أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال: «فتصلين الخمس، وتقرين بما جئت به من عند الله؟» ، قالت: نعم، فضرب على ظهرها، وقال: «أعتقيها».
أبو داود كيف رواه من طريق عون؟
أين الله فأشارت إلى السماء بإصبعها
والحاكم كيف رواه من طريق عون؟
من ربك؟ قالت: ربي الله. يعني ابن حجر يقول هذا مخالف للفظ أبي داود
ولفظ المصنف الرافعي كيف؟
أين الله
فمن لفظه أقرب إلى المصنف؟
لفظ أبي داود "أين الله" بلا شك، وأبو معدان أي رواية الحاكم رواه فخالف المسعودي الذي في سند رواية أبي داود في السند وفي المتن ومن هنا تعرف لماذا أخفى السقاف قول ابن حجر "وسياق أبي داود أقرب إلى ما ذكره المصنف" يعني أن اللفظ الصحيح "أين الله" وليس "من ربك"
فالخلاصة ابن حجر ما اقترب حتى من إسناد مسلم ولا ضعفه قط وتصحيحه لحديث الجارية في صحيح مسلم في فتح الباري واضح وضوح الشمس! ولم ينقله حسن السقاف
هذا والله أعلم