مدى صحة مر رجل برقبة فقال له رقبة من أين جئت قال من عند أبي حنيفة قال كلام ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة

مدى صحة خبر مر رجل برقبة فقال له رقبة من أين جئت قال من عند أبي حنيفة قال كلام ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة

قلتُ رحم الله أبا حنيفة وفيه مدح نشرته على موقعي مما صح لكن رأيت رجلاً يُقال له يزبك أو محمود يزبك على الفيس بوك في رد هذا الأثر وغيره بقواعد عجيبة حيث قال يزبك: محاولة يائسة من بعض الوهابية لتصحيح بعض الآثار التي تطعن بأبي حنيفة رحمه الله تعالى وتصحيح كتاب السنة عن طريق انها مروية في كتاب آخر أمر مضحك وسأتتبع هذه الروايات وسترون ضعفها وما يصح منها بطريق أخرى منقول في السنة والتي لا تصح عن مؤلفها في معظمها. انتهى كلامه

ثم أسرد آثاراً منها قال "فأول أثر عن رقبة بن مسقلة وهو الأثر رقم 760 في العلل فقد توفي رقبة قبل ولادة عبد الله بن أحمد رحمه الله تعالى ففي سنده انقطاع 40 سنة". انتهى

قلتُ: حتى محمد بن زاهد الكوثري من المحترقين والمتعصبين جداً لأبي حنيفة رحمه الله اعترف بصحتها كما سيأتي كلامه وذلك أن للأثر طرق أخرى. قلت وهذا لم يروه عبد الله بن أحمد بن حنبل كما قال يزبك عن رقبة إنما سمعه من والده الإمام أحمد بن حنبل عن رقبة وقد توبع عبد الله بن أحمد في هذا كما سيأتي. وقوله في سنده انقطاع 40 سنة وهذا غلط بل بين عبد الله بن أحمد ورقبة انقطاع لا يقل عن 84 سنة وبين أحمد بن حنبل ورقبة 35 سنة فلعله أراد أن يقول أحمد بن حنبل فقال عبد الله بن أحمد وهو لا يدري في علم الحديث

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة وأيضاً في العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل ط الخاني وط الفاروق الحديثية (الخبر برقم 760) سمعت أبي يقول: مر رجل برقبة فقال له رقبة من أين جئت قال من عند أبي حنيفة قال كلام ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة.

وقد توبع عبد الله بن أحمد بن حنبل تابعه أبو داود السجستاني ورواه أبو داود في مسائل الإمام أحمد بن حنبل ت طارق (ص369) قال سمعت أحمد، يقول رأى رقبة رجلاً، فقال من أين جئت؟ فقال: من عند أبي حنيفة، فقال: مضغت كلاماً كثيراً، ورجعت من غير ثقة

قلتُ: وهذا منقطع بين أحمد ورقبة ولكن الإمام أحمد بن حنبل من أصحاب الجرح والتعديل وهم يروون بشكل عام ما صح ثم ربما علّقوه وقد روي هذا متصلاً عن رقبة: رواه أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي وسفيان بن عيينة وأبو بكر بن عياش عن رقبة وثلاثتهم من شيوخ أحمد بن حنبل فلعل أحمد بن حنبل أخذ هذا عنهم والله أعلم

أما رواية أبي أسامة حماد بن أسامة الكوفي

أخرجها ابن عبد البر في الانتقاء ط القدسي (ص148) نا عبد الوارث، قال: نا قاسم قال نا أحمد بن زهير، نا أبو عبد الله المعيطي، قال: نا أبو أسامة قال: مر قوم على رقبة فقال من أين جئتم فقالوا: من عند أبي حنيفة جئنا فقال: يكفيكم من رأيه من ما مضغتم وترجعون إلى أهليكم بغير ثقة.

- عبد الوارث هو أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان بن جبرون القرطبي يعرف بالحبيب قال أبو عمر بن الحذاء كان شيخاً صالحاً عفيفاً يتعيش من ضيعة ورثها عن أبيه رحمه الله (الصلة لابن بشكوال الخانجي ص364)
- قاسم هو أبو محمد قاسم بن أصبغ البياني القرطبي إمام ثقة مشهور
- أحمد بن زهير هو أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة بن زهير بن حرب النسائي ثقة مشهور
- أبو عبد الله المعيطي هو محمد بن أبي حفص عمر الْمُعَيْطِيُّ قال ابن سعد ثقة وقال أبو نعيم الأصبهاني وحدثنا فاروق الخطابي ثنا أبو مسلم الكشي ثنا المعيطي ثنا أبو أسامة. وقال الطبراني ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا محمد بن عمر المعيطي، ثنا بقية بن الوليد (الطبقات الكبرى لابن سعد ط العلمية ج7/ص251 والمسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم ط العلمية ج1/ص174 ومكارم الاخلاق للطبراني ط العلمية ص343)

وقد توبع المعيطي

أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (ج15/ص576) والطبعة العلمية بتحقيق مصطفى عطا (ج13/ص418) أخبرنا ابن دوما قال: أخبرنا ابن سلم قال: حدثنا الأبار قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد قال: سمعت أبا أسامة يقول: مر رجل على رقبة فقال: من أين أقبلت؟ قال: من عند أبي حنيفة، قال: يمكنك من رأي ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة.

قال الكوثري في تأنيب الخطيب طبعة 1410 هجري (ص309) أقول في بعض الروايات (بغير فقه) -قلتُ: ستأتي هذه اللفظة-، فلعله هو الصواب، وفي بعض النسخ (يكفيك) بدل (يمكنك). وقد ذكر الخطيب هنا روايتين عن رقبة بن مصقلة، وأصل الحكاية ثابت عنه، وإن كانت الأسانيد هنا فيها مآخذ، إلا أن الكذوب قد يصدق. ورقبة هذا ليس من رجال الجرح والتعديل، وإنما هو من رجالات العرب الذين يحبون التنكيت والتندر، وهو الذي استلقى على ظهره في المسجد، وهو يتقلب ويقول لمن يسائله عما به: إني صريع الفالوذج. يعني أنه متخوم بأكله، أو مصروع بالتشوق إليه. ومثل هذا الكلام موضعه كتب النوادر والمحاضرات، وما إلى ذلك من كتب التسلية والسمر والهزل. نعم إن الخطيب لم يهمل ذكر أبي حنيفة في كتاب «التطفيل» أيضاً، والله سبحانه حسيبه. انتهى كلام الكوثري

فقوله "أصل الحكاية ثابت" يعني صححها لكنه قال رقبة ليس من رجالات الجرح والتعديل...إلخ

وقد توبع الأبار كما سيأتي

- ابن دوما هو أبو علي الحسن بن الحسين بن العباس المعروف بابن دوما النعالي قال الخطيب كتبنا عنه وكان قد ألحق لنفسه السماع في أشياء. وقال الخطيب أخبرنا الحسن بن الحسين بن العباس ‌بن ‌دوما النعالي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن ‌سلم الختلي قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار (تاريخ بغداد ت بشار ج9/ص502 وج15/ص514)
- ابن سلم هو أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي قال الخطيب وكان صالحاً ديناً مكثراً ثقة ثبتاً (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج5/ص113)
- إبراهيم بن سعيد هو أبو إسحاق بن أبي عثمان الجوهري البغدادي ثقة

عبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة ت القحطاني (ج1/ص205) حدثني إبراهيم بن سعيد، ثنا محمد بن بشر، وأبو أسامة، قالا: مر رجل على رقبة قال: من أين أقبلت؟ قال: من عند أبي حنيفة قال: يمكنك من رأي ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة.


وأما رواية سفيان بن عيينة

الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (ج15/ص576-577) أخبرنا ابن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: أخبرنا حنبل بن إسحاق قال: حدثنا الحميدي قال: سمعت سفيان يقول: كنا جلوسا. وأخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا الحميدي قال: قال سفيان: كنت جالساً عند رقبة بن مصقلة فرأى جماعة منجفلين فقال: من أين؟ قالوا: من عند أبي حنيفة، فقال رقبة: يمكنهم من رأي ما مضغوا وينقلبون إلى أهليهم بغير ثقة.

وقد توبع حنبل بن إسحاق وبشر بن موسى عن الحميدي تابعهما يعقوب الفسوي كما سيأتي وهذا إسناد صحيح

الإسناد الأول:
- ابن رزق هو أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق البزاز المعروف بابن رزقويه ثقة وقال الخطيب أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ‌بن ‌رزق البزاز أنا ‌عثمان ‌بن ‌أحمد بن عبد الله الدقاق نا حنبل بن إسحاق (انظر تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج5/ص60 والفصل للوصل المدرج في النقل للخطيب ط الجامعة الإسلامية ج1/ص478)
- عثمان بن أحمد هو أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد الدقاق المعروف بابن السماك ثقة ثبت
- حنبل بن إسحاق هو أبو علي الشيباني

والإسناد الثاني:
- أبو نعيم الحافظ هو صاحب الحلية معروف
- محمد بن أحمد بن الحسن هو أبو علي بن الصواف ثقة مأمون قال الدارقطني ما رأت عيناي مثل أبي علي ابن الصواف (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج2/ص115)
- بشر بن موسى هو أبو علي الأسدي الحافظ الثقة

يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ ط العراق (ج2/ص746) ثنا أبو بكر الحميدي ثنا سفيان قال: كنا عند رؤبة (1)، فأبصر الناس وقد انجفلوا فقال: من أين؟ فقال: من عند أبي حنيفة. قال: هيه يمكنهم من رأي ما مضغوا وينقلبوا إلى أهاليهم بغير ثقة.

- رؤبة تصحيف من رسمه وصوابه رقبة

وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ت القوجاني (ص506) ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ ط العراق (ج2/ص790) كلاهما عن محمد بن أبي عمر عن سفيان بن عيينة قال: قال رقبة للقاسم بن معن: أين تذهب؟ قال: إلى أبي حنيفة. قال: يمكنك من رأي ما مضغت وترجع إلى ‌أهلك ‌بغير ‌ثقة [ولفظ الفسوي: فقه].

قلتُ "فقه" تصحيف والصواب "ثقة" لأنه رواه جماعة وهنا اختلف بين الفسوي وأبي زرعة ولعله تصحيف في المخطوطة

- محمد بن أبي عمر هو محمد بن يحيى بن أبى عمر العدني مشهور صاحب سفيان بن عيينة

ابن عبد البر في الانتقاء ط القدسي (ص148) نا عبد الوارث نا قاسم نا أحمد بن زهير حدثني إبراهيم بن بشار الرمادي قال نا سفيان بن عيينة قال مر رجل بمسعر بن كدام فقال أين تريد قال أريد أبا حنيفة قال يكفيك من رأيه ما مضغت وترجع إلى ‌أهلك ‌بغير ‌ثقة.

قد تقدم تراجم الإسناد إلى أحمد بن زهير، وقوله "مر بمسعر بن كدام" غلط إنما هو رقبة وإبراهيم بن بشار الرمادي صدوق في نفسه لكن يخطئ قال البخاري يهم في الشيء بعد الشيء (التاريخ الكبير للبخاري ت المعلمي ج1/ص277)

عبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة ت القحطاني (ج1/ص191) حدثني أبو معمر، ثنا ابن عيينة، قال: كنا عند رقبة فجاء ابنه فقال: من أين؟ قال: من عند أبي حنيفة، فقال: إذا يعطيك رأياً ما مضغت وترجع بغير ثقة.

عبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة ت القحطاني (ج1/ص191) حدثني عبد الرحمن بن صالح الأزدي، ثنا أبو بكر بن عياش، عن رقبة، أنه قال لرجل: من أين جئت؟ قال: من عند أبي حنيفة، قال: جئت من عند رجل يمليك من رأي ما مضغت وتقوم بغير ثقة.

هذا والله المستعان

إرسال تعليق