قال الإمام سفيان بن عيينة: كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل وليس لأحد أن يفسره إلا الله تبارك وتعالى، أو رسله صلوات الله عليهم. وقال أيضاً هي كما جاءت نقر بها ونحدث بها بلا كيف. وقيل له: هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية، فقال سفيان بن عيينة: حق على ما سمعنا ممن نثق به ونرضاه. (انظر تخريجه بالتفصيل في هذه المقالة)
فقال بعض أهل البدع معنى قول ابن عيينة هو تفويض المعنى وسيأتي الرد عليهم
قلتُ وروي عن مالك والثوري والأوزاعي والليث أمروها على ما جاءت، ولا تفسروها (انظر تخريجه في هذه المقالة)
ونقل أهل البدع عن الترمذي ومذهب أهل العلم سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء، ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث، ونؤمن بها، ولا يقال: كيف، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها، ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف.
فقالوا هذا تفويض
الرد
بالنسبة لقول الترمذي (والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء، ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث، ونؤمن بها، ولا يقال: كيف، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها، ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف.)
فأقول لكم لو أكملتم بقية كلام الترمذي رأيتم شيئاً لن يعجبهم فالترمذي روى حديث الرؤية وفيه "فيعرفهم نفسه، ثم يقول: أنا ربكم فاتبعوني" ثم قال الترمذي "والمذهب في هذا عند اهل العلم...إلخ" ثم؟ ثم قال الترمذي "ومعنى قوله في الحديث: فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم" ففسره! وهذا يدل أن الترمذي كان يقصد تفسير الكيف وليس معنى الكلمة! والدليل الآخر من الترمذي قال في سننه أو جامعه ط الرسالة (ج2/ص202) ولا يُقَالُ كيف؟ هكذا روي عن مالك، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده! وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة. وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع أو مثل سمع، فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه (سنن الترمذي ط الرسالة ج2/ص202)
فبماذا فسرها أهل العلم؟ والترمذي يقول في قوله السابق "ولا تفسر" وكذلك صح عن مالك الاستواء معلوم والكيف غير معقول (انظر تخريج قول مالك في هذه المقالة) فهم يقصدون تفسير الكيف وهنا هو اليد الظاهر من الآية والذي قصدوه من عدم التفسير هو الكيف. وأوضح من هذا ما ذُكر عند أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي -المتوفى 224 هجري وهو من أهل اللغة حتى البخاري نقل عنه- الباب الذي يروي فيه الرؤية والكرسي وموضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك عز وجل قدمه فيها فتقول: قط قط، وأشباه هذه الأحاديث، فقال: هذه الأحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا لا يُفسر هذا ولا سمعنا أحداً يفسره (انظر تخريجه في هذه المقالة)
فقوله (ولكن إذا قيل كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا لا يُفسر هذا ولا سمعنا أحداً يفسره) فدل أنهم يقصدون تفسير الكيف لا معنى الكلمة بذاتها فإن معناه نقره والجهمية نفت هذه المعاني وَتَأَوَّلْتُه
وسئل أبو زرعة الرازي عن تفسير {الرحمن على العرش استوى} فغضب وقال تفسيره كما تقرأ هو على عرشه وعلمه في كل مكان من قال غير هذا فعليه لعنة الله (انظر تخريجه في هذه المقالة)
وصح عن وكيع بن الجراح قال في هذه الأحاديث ولا نقول فيها: مثل كذا، ولا كيف كذا؟، وفي لفظ: قال وكيع: إسماعيل بن أبي خالد، والثوري، ومسعر يروون هذه الأحاديث لا يفسرون منها شيئاً
فهو يقصد الكيف لا الكلمة بذاتها
وقال الإمام يزيد بن هارون الواسطي: هذه الأحاديث التي في الرؤية والعظمة تمر كما جاءت، وتؤخذ بالقبول، لا يقال: لم؟ ولا كيف؟ (انظر تخريجه في هذه المقالة)
كماء جاءت على ظاهره وإثبات للمعنى والدليل صح عن يزيد بن هارون أيضاً: من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي (انظر تخريجه في هذه المقالة)
ونقل البخاري في صحيحه ط التأصيل (ج9/ص336) عن مجاهد بن جبر من التابعين في قوله تعالى {استوى على العرش} فقال علا. وأيضاً عن أبي العالية في قوله {استوى إلى السماء}: ارتفع.
لكن إذا قلنا كيف علا وكيف ارتفع؟ قلنا لا يُفسر هذا
هذا وبالله التوفيق وبه العصمة