مدى صحة قال ابن عباس في {وثيابك فطهر} لا تلبسها على معصية ولا على غدرة

مدى صحة قال ابن عباس في {وثيابك فطهر} لا تلبسها على معصية ولا على غدرة

قال عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى {وثيابك فطهر} قال: لا تلبسها على معصية ولا على غدرة. ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:

وإني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

حكم الأثر: لا يصح وروي موقوفاً على عكرمة من قوله بسبب الاختلاف على إسناده ويأتي الكلام عليه وصح عن ابن عباس قال الإثم وهو الصواب كما سيأتي وقال محمد بن عبد الوهاب صاحب المذهب الوهابي طهر عملك من الشرك وسيأتي الكلام فيه

الطبري في التفسير ط التربية والتراث (ج23/ص9) حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس {وثيابك فطهر} قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة:

وإني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

إسناده مسلسل بالضعفاء

ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ت محي الدين (ج1/ص62-63) حدثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب قال: حدثنا إبراهيم يعني ابن بشار الرمادي، قال: حدثنا سفيان -هو ابن عيينة- قال: حدثنا الأجلح عن عكرمة قال سفيان: أراه عن ابن عباس في قوله تعالى: {وثيابك فطهر} [المدثر: ٤] قال: لا تلبسها على غدر ولا إثم، البسها وأنت طاهر البدن، قال سفيان: وقال الشاعر:

فإني بحمد الله لا ثوب غادر ... لبست ولا من خزية أتقنع

- إبراهيم بن بشار الرمادي صدوق سيء الحفظ يغلط وقد غلط في أثر آخر عن سفيان بن عيينة (انظره في هذه المقالة) فهنا جعل عن ابن عباس وجعل قول الشاعر عن سفيان وإنما هو عن ابن عباس يقول قال الشاعر وسيأتي باسمه

ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (ج2/ص260) حدثنا حاتم بن يونس، نا موسى بن السندي، نا أبو زهير، نا الأجلح، عن عكرمة قال: سألت ابن عباس عن قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} وذكر الأول الذي فيه قول حسان [فإني بحمد الله لا ثوبَ فاجرٍ … لبستُ ولا من غدرةٍ أتقنعُ.]

- حاتم بن يونس هو الجرجاني الحافظ
- موسى بن السندي هو أبو محمد الجرجاني الْبَكْرَآبَاذِي قال ابن عدي ثقة وقد كان محمد بن عمر بن العلاء الصيرفي إذا حدثنا عنه يقول حدثنا أبو محمد ‌موسى ‌بن ‌السندي السكاك الثقة المأمون (تاريخ جرجان لحمزة بن يوسف السهمي ط عالم الكتب ص469)
- أبو زهير هو عبد الرحمن بن مغراء صدوق في حفظه شيء

الطبري في التفسير ط التربية والتراث (ج23/ص10) حدثنا أبو كريب: قال: ثنا مصعب بن سلام، عن الأجلح، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أتاه رجل وأنا جالس فقال: أرأيت قول الله: {وثيابك فطهر} قال: لا تلبسها على معصية ولا على غدرة، ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي: وإني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

- مصعب بن سلام هو التميمي الكوفي صدوق سيء الحفظ

ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ت محي الدين (ج1/ص63) حدثني أبي قال: حدثنا علي بن حرب قال: حدثنا ابن فضيل قال: حدثنا الأجلح عن عكرمة عن ابن عباس: وسأله رجل عن قول الله تعالى: {وثيابك فطهر} قال: لا تلبس ثيابك على غدرة، وتمثل بقول غيلان الثقفي: فإني بحمد الله لا ثوب غادر ... لبست ولا من سوأة أتقنع

- ابن فضيل هو محمد بن فضيل بن غزوان الضبي الكوفي ثقة

محمد المخلص في المخلصيات (ج2/ص27) ومن طريقه ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة ط العلمية (ج5/ص257) حدثنا أحمد [وعند ابن حجر: أحمد بن نصر بن بجير] حدثنا علي [وعند ابن حجر: علي بن عثمان النفيلي] حدثنا المعافى: حدثنا القاسم [وعند ابن حجر: القاسم بن معن]، عن الأجلح، عن عكرمة قال: سألت ابن عباس عن قول الله عز وجل: {وثيابك فطهر} [المدثر: ٤] قال: لا تلبس على معصية ولا على غدرة. ثم قال ابن عباس: سمعت غيلان بن سلمة يقول: إني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

- القاسم بن معن هو الهذلي الكوفي ثقة


وقد وراه جماعة من الثقات عن الأجلح عن عكرمة موقوفاً عليه من قوله ليس فيه ابن عباس

الطبري في التفسير ط التربية والتراث (ج23/ص10) حدثنا سعيد بن يحيى، قال: ثنا حفص بن غياث، عن الأجلح، عن عكرمة، قوله: {وثيابك فطهر} قال: لا تلبسها على غدرة، ولا على فجرة ثم تمثل بشعر غيلان بن سلمة هذا.

- ‌سعيد بن يحيى هو أبو عثمان سعيد ‌بن ‌يحيى بن سعيد الأموي ثقة

ابن عبد البر في التمهيد ط المغربية (ج22/ص236) من طريق موسى بن معاوية والطبري في التفسير ط التربية والتراث (ج23/ص11) من طريق أبي كريب كلاهما عن وكيع بن الجراح عن ‌سفيان عن ‌الأجلح عن ‌عكرمة لا تلبسها على معصية.

- قاسم بن أصبغ هو أبو محمد قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح القرطبي ثقة حافظ
- محمد بن بن وضاح هو أبو عبد الله القرطبي مشهور إمام
- موسى بن معاوية هو أبو جعفر الصُّمَادِحِيُّ الإفريقي مولى جعفر الطيار قال أبو العرب الإفريقي كان ثقة مأموناً عالماً بالحديث ووثقه ابن وضاح الراوي عنه (طبقات علماء إفريقية ط الكتاب اللبناني ص106) وقد توبع أخرجه الطبري في التفسير ط التربية والتراث (ج23/ص10) حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن الأجلح بن عبد الله الكندي، عن عكرمة {وثيابك فطهر} قال: لا تلبس ثيابك على معصية، ألم تسمع قول غيلان بن سلمة الثقفي: وإني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

- سفيان هو الثوري جبل ثقة

ابن عبد البر في التمهيد ط المغربية (ج22/ص236) وذكر إسماعيل -يعني ابن إسحاق القاضي- قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا أبو أسامة عن الأجلح قال سمعت عكرمة سئل عن قول الله عز وجل {وثيابك فطهر} قال: أمر أن لا يلبس ثوبه على غدرة أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي: وإني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

- نصر بن علي هو الجهضمي الصغير
- أبو أسامة هو حماد بن أسامة الكوفي ثقة ثبت

سعيد بن منصور في السنن ط الألوكة (ج8/ص193) أنا أبو شهاب، عن الأجلح؛ أنه سمع عكرمة سئل عن قوله: {وثيابك فطهر}؟ قال: لا تلبسها على غدرة ولا معصية؛ ثم قال: ألا تسمع قول غيلان بن صدقة: إني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

- أبو شهاب هو عبد ربه بن نافع الحناط الكوفي

ومدار كل هذا على الأجلح وهو الأجلح بن عبد الله الكندي فلعله منه هذا الاختلاف أهو من قول عكرمة أم ابن عباس قال ابن سعد وكان ضعيفاً جداً وضعفه يحيى القطان وقال أبو حاتم الرازي لين ووثقه يحيى بن معين وفي رواية صالح وقال أحمد بن حنبل أجلح ومجالد -ضعيف- متقاربان في الحديث فقد روى أجلح غير حديث منكر (الطبقات الكبرى لابن سعد ط العلمية ج6/ص336-337 والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ط المعارف العثمانية ج2/ص346-347) قلت قول ابن سعد ضعيف جداً فيه نظر ولو اكتفى بقوله ضعيف لكان أصح

والصحيح الثابت عن ابن عباس هو ما رواه سفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان وحجاج بن محمد المصيصي ثلاثتهم عن ابن جريج أخبرني عطاء -هو ابن أبي رباح- عن ابن عباس في {وثيابك فطهر} من الإثم ثم قال: نقي الثياب في كلام العرب

وأما بالنسبة لقول الوهابي محمد بن عبد الوهاب "وطهر عملك من الشرك" فهو خارج عن أقاويل الصحابة والتابعين مردود ولعله فسرها هكذا بسبب أن بعده {والرجز فاهجر} وهذا قال فيه أبو سلمة بن عبد الرحمن الزهري معناه الأوثان كما في صحيح البخاري وغيره ولا يعني أن النبي صلى الله عليه كان مشركاً فأيضاً الذي فسره ابن عباس بالإثم أي الذنب لا يعني أنه كان يذنب لكنه من باب ابتعد ولا تقرب وقوله والرجز فاهجر أي عبادة الأوثان لا يعني أنها كان يعبدها إنما لا تقرب

هذا والله أعلم

إرسال تعليق